﴿لكم نَذِير مُبين (٤٩) فَالَّذِينَ آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات لَهُم مغْفرَة ورزق كريم (٥٠) وَالَّذين سعوا فِي آيَاتنَا معاجزين أُولَئِكَ أَصْحَاب الْجَحِيم (٥١) وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي إِلَّا إِذا تمنى ألْقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته فَينْسَخ الله مَا يلقِي﴾
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي﴾ وَقَرَأَ ابْن عَبَّاس: " وَلَا مُحدث " قَالَ الشَّيْخ الإِمَام - رَضِي الله عَنهُ - أخبرنَا بِهَذَا أَبُو عَليّ الشَّافِعِي قَالَ: أخبرنَا أَبُو الْحسن بن [فراس] قَالَ: أخبرنَا أَبُو مُحَمَّد بن عبد الله بن يزِيد المقرىء، عَن جده مُحَمَّد، عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ هَكَذَا.
فَقَوله: " وَلَا مُحدث " يَعْنِي: ملهم، كَأَن الله حَدثهُ فِي قلبه، وَمن الْمَعْرُوف أَن النَّبِي قَالَ: " قد كَانَ فِي الْأُمَم السَّابِقَة محدثون، فَإِن يكن فِي أمتِي مِنْهُم أحد، فَهُوَ عمر ".
وَأما الْكَلَام فِي الرَّسُول وَالنَّبِيّ، فَقَالَ بَعضهم: هما سَوَاء، وَفرق بَعضهم بَينهمَا فَقَالَ: الرَّسُول هُوَ الَّذِي يَأْتِيهِ جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - بِالْوَحْي، وَالنَّبِيّ هُوَ الَّذِي يَأْتِيهِ الْوَحْي فِي الْمَنَام، أَو يلهم إلهاما، وَمِنْهُم من قَالَ: الرَّسُول الَّذِي لَهُ شَرِيعَة يحفظها، وَالنَّبِيّ هُوَ الَّذِي بعث على شَرِيعَة غَيره فيحفظها، وَقد قَالُوا: كل رَسُول نَبِي، وَلَيْسَ كل نَبِي برَسُول.
وَقَوله: ﴿إِلَّا إِذا تمنى﴾ الْأَكْثَرُونَ على أَن مَعْنَاهُ: إِذا قَرَأَ: ﴿ألْقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته﴾ أَي: فِي قِرَاءَته، قَالَ الشَّاعِر فِي عُثْمَان:

(تمنى كتاب الله أول لَيْلَة وَآخِرهَا لَاقَى حمام المقادر)
أَي: تَلا، وَقَالَ بَعضهم: تمنى هُوَ حَدِيث النَّفس، والقصة فِي الْآيَة: هُوَ مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس، وَمُجاهد، وَقَتَادَة، وَسَعِيد بن جُبَير، وَالزهْرِيّ، وَالضَّحَّاك، وَغَيرهم أَن


الصفحة التالية
Icon