﴿وَمَا فِي الأَرْض وَإِن الله لَهو الْغَنِيّ الحميد (٦٤) ألم تَرَ أَن الله سخر لكم مَا فِي الأَرْض والفلك تجْرِي فِي الْبَحْر بأَمْره ويمسك السَّمَاء أَن تقع على الأَرْض إِلَّا بِإِذْنِهِ إِن الله بِالنَّاسِ لرءوف رَحِيم (٦٥) وَهُوَ الَّذِي أحياكم ثمَّ يميتكم ثمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ الأَرْض بِالنَّهَارِ، وَعَن الْخَلِيل قَالَ: " ألم تَرَ " تَنْبِيه ثمَّ ابْتِدَاء، وَقَالَ: ينزل الله الْمَطَر فَتُصْبِح الْأَرْضين مخضرة، فَلهَذَا رفع تصبح.
وَقَوله: ﴿إِن الله لطيف خَبِير﴾ أَي: لطيف باستخراج النَّبَات من الأَرْض وبرزق الْعباد، خَبِير بِمَا فِي قُلُوبهم أَي: بِمَا يعرض فِي قُلُوبهم عِنْد نُقْصَان الرزق أَو عَدمه، وَقيل: عِنْد جدوبة الأَرْض.
قَوْله: ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض وَإِن الله لَهو الْغَنِيّ الحميد﴾ أَي: الْغَنِيّ عَن أَعمال الْخلق، الْمَحْمُود فِي أَفعاله.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ألم تَرَ أَن الله سخر لكم مَا فِي الأَرْض والفلك تجْرِي فِي الْبَحْر بأَمْره﴾ أَي: وسخر الْفلك تجْرِي فِي الْبَحْر بأَمْره، وَيُقَال: مَا فِي الأَرْض هِيَ الدَّوَابّ الَّتِي تركب فِي الْبر، وَأما الْفلك هُوَ الَّذِي يركب فِي الْبَحْر.
وَقَوله: ﴿ويمسك السَّمَاء أَن تقع على الأَرْض إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ فِي بعض الْآثَار: أَنه إِذا أظهرت الصلبان فِي الأَرْض، وَضربت بالنواقيس، ارتجت السَّمَاء وَالْأَرْض، وكادت السَّمَاء أَن تقع، فَيُرْسل الله (مَلَائِكَة) فيمسكون بأطراف السَّمَاء وَالْأَرْض، ويقرءون سُورَة الْإِخْلَاص حَتَّى تسكن، وَأما الْمَعْرُوف فِي معنى الْآيَة أَن الله يمسك السَّمَاء بِغَيْر عمد، على مَا ذكرنَا من قبل.
وَقَوله: ﴿إِن الله بِالنَّاسِ لرءوف رَحِيم﴾ قد بَيناهُ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي أحياكم ثمَّ يميتكم ثمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ الْإِحْيَاء الأول هُوَ الْإِنْشَاء، والإحياء الثَّانِي هُوَ الْبَعْث من الْقُبُور.
وَقَوله: ﴿إِن الْإِنْسَان لكفور﴾ أَي: لكفور (لنعمة الله).


الصفحة التالية
Icon