﴿إِن الله سميع بَصِير (٧٥) يعلم مَا بَين أَيْديهم وَمَا خَلفهم وَإِلَى الله ترجع الْأُمُور (٧٦) يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا ارْكَعُوا واسجدوا واعبدوا ربكُم وافعلوا الْخَيْر لَعَلَّكُمْ تفلحون (٧٧) وَجَاهدُوا فِي الله حق جهاده﴾ مَا بَين أَيْديهم: مَا قدمُوا من الْعَمَل، وَمَا خَلفهم: مَا أخروها فَلم يعملوها.
وَقَوله: ﴿وَإِلَى الله ترجع الْأُمُور﴾ تصير الْأُمُور.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا ارْكَعُوا واسجدوا﴾ وَالرُّكُوع وَالسُّجُود معلومان، وَلَا تقبل صَلَاة إِلَّا بهما سوى صَلَاة الْجِنَازَة.
وَقَوله: ﴿واعبدوا ربكُم﴾ أَي: وحدوا ربكُم، وَيُقَال: أَخْلصُوا فِي ركوعكم وسجودكم.
وَقَوله: ﴿وافعلوا الْخَيْر﴾ أَي: صلَة الْأَرْحَام وَمَكَارِم الْأَخْلَاق وَسَائِر وُجُوه الْبر.
وَقَوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تفلحون﴾ (وتفوزون).
وَفِي هَذِه الْآيَة سَجْدَة للتلاوة منقولة عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة، وروى مشرح بن هاعان، عَن عقبَة بن عَامر أَن النَّبِي قَالَ: " فِي الْحَج سَجْدَتَانِ، من لم يسجدهما فَلَا يَقْرَأها "، وَفِي رِوَايَة: " من لم يسجدهما فَلم يَقْرَأها ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَجَاهدُوا فِي الله حق جهاده﴾ اعْلَم أَن الْجِهَاد يكون بِالنَّفسِ، وبالقلب، وبالمال؛ فَأَما الْجِهَاد بِالنَّفسِ فَهُوَ فعل الطَّاعَات وَاخْتِيَار الأشق من الْأُمُور، وَأما الْجِهَاد بِالْقَلْبِ فَهُوَ دفع الخواطر الردية، وَأما الْجِهَاد بِالْمَالِ فَهُوَ الْبَذْل (والإيثار).
وَقَوله: ﴿حق جهاده﴾ قَالَ بَعضهم: " هُوَ أَن يُطِيع الله (وَلَا يعصيه)، ويذكره


الصفحة التالية
Icon