﴿الْمُسلمين من قبل وَفِي هَذَا ليَكُون الرَّسُول شَهِيدا عَلَيْكُم وتكونوا شُهَدَاء على النَّاس فأقيموا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة﴾ إِبْرَاهِيم أباهم على معنى وجوب احترامه، وَحفظ حَقه كَمَا يجب احترام الْأَب وَحفظ حَقه، وَإِنَّمَا نصب مِلَّة على معنى: ابْتَغوا مِلَّة إِبْرَاهِيم.
وَقَوله: ﴿هُوَ سَمَّاكُم الْمُسلمين﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن الله سَمَّاكُم الْمُسلمين ﴿من قبل﴾ أَو فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل.
وَقَوله: ﴿وَفِي هَذَا﴾ أَي: فِي الْقُرْآن، وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن إِبْرَاهِيم سَمَّاكُم الْمُسلمين، وَالدَّلِيل على هَذَا القَوْل أَن الله تَعَالَى قَالَ خَبرا عَن إِبْرَاهِيم: ﴿رَبنَا واجعلنا مُسلمين لَك وَمن ذريتنا أمة مسلمة لَك﴾ الْآيَة.
وَقَوله: ﴿ليَكُون الرَّسُول شَهِيدا عَلَيْكُم وتكونوا شُهَدَاء على النَّاس﴾ ذكرنَا هَذَا فِي سُورَة الْبَقَرَة وَالنِّسَاء، وَفِي الْخَبَر: " أَن الله تَعَالَى أعْطى هَذِه الْأمة ثَلَاثًا مثل مَا أعْطى الْأَنْبِيَاء: كَانَ يُقَال للنَّبِي: اذْهَبْ فَلَا حرج عَلَيْك، وَقَالَ الله تَعَالَى لهَذِهِ الْأمة: ﴿وَمَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين من حرج﴾، وَكَانَ يُقَال للنَّبِي: أَنْت شَاهدا على أمتك، فَقَالَ الله تَعَالَى لهَذِهِ الْأمة: ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس﴾، وَكَانَ يُقَال للنَّبِي: سل تعطه، فَقَالَ الله تَعَالَى لهَذِهِ الْأمة: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم﴾ ".
وَقَوله: ﴿فأقيموا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة﴾ ظَاهر الْمَعْنى، وروى ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " لَا تقبل الصَّلَاة إِلَّا بِالزَّكَاةِ ".
وَقَوله: ﴿واعتصموا بِاللَّه﴾ أَي: تمسكوا بدين الله، وَيُقَال مَعْنَاهُ: ادعوا الله


الصفحة التالية
Icon