﴿وَلما فتحُوا مَتَاعهمْ وجدوا بضاعتهم ردَّتْ إِلَيْهِم قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نبغي هَذِه بضاعتنا ردَّتْ إِلَيْنَا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ذَلِك كيل يسير (٦٥) قَالَ لن أرْسلهُ مَعكُمْ حَتَّى تؤتون موثقًا من الله لتأتنني بِهِ إِلَّا أَن يحاط﴾ إِلَيْهِم وإكرامه إيَّاهُم، [وحثوه] بذلك على إرْسَال بنيامين، فَلَمَّا فتحُوا الْمَتَاع ووجدوا البضاعة قَالُوا: أَي شَيْء نطلب بالْكلَام، هَذَا هُوَ العيان فِي الْإِحْسَان وَالْإِكْرَام.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن " مَا " هَاهُنَا للنَّفْي؛ وَمَعْنَاهُ: لَا نطلب مِنْك مَالا لنشري بِهِ الطَّعَام ﴿هَذِه بضاعتنا ردَّتْ إِلَيْنَا﴾ هَذَا المَال قد رد إِلَيْنَا فنحمله ونشتري بِهِ الطَّعَام. وَالْقَوْل الأول أصح.
وَقَوله: ﴿ونمير أهلنا﴾ يُقَال: مار أَهله إِذا حمل لَهُم الطَّعَام من بلد إِلَى بلد؛ والميرة: هُوَ الطَّعَام الْمَحْمُول. وَقَوله: ﴿ونحفظ أخانا﴾ يَعْنِي: مِمَّا تخَاف عَلَيْهِ. وَقَوله: ﴿ونزداد كيل بعير﴾ قَالَ مُجَاهِد: الْبَعِير هَاهُنَا: هُوَ الْحمار، قَالَ: هُوَ لُغَة، وَكَانُوا أَصْحَاب حمر وَلم يكن لَهُم إبل. وَالأَصَح أَنه الْبَعِير الْمَعْرُوف. وَقَوله: ﴿ونزداد﴾ إِنَّمَا قَالُوا هَذَا لِأَنَّهُ كَانَ يعْطى حمل بعير باسم كل رجل وَلَا يزِيد؛ فَهَذَا معنى قَوْله: ﴿ونزداد كيل بعير﴾. قَوْله: ﴿ذَلِك كيل يسير﴾ فِيهِ مَعْنيانِ: أَحدهمَا: ذَلِك كيل قَلِيل؛ يَعْنِي: مَا حملناه قَلِيل لَا يكفينا وأهلنا، فَأرْسل مَعنا أخانا [نكتل] ليكْثر مَا نحمله من الطَّعَام. وَالْمعْنَى الثَّانِي: ذَلِك كيل يسير أَي: هَين على من يكتاله.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ لن أرْسلهُ مَعكُمْ﴾ فِي الْقِصَّة: أَن الْإِخْوَة جهدوا أَشد الْجهد وضاق الْأَمر على يَعْقُوب وَقَومه فِي الطَّعَام فَلم يجد بدا من إرْسَال [بنيامين] مَعَهم فَقَالَ: ﴿لن أرْسلهُ مَعكُمْ حَتَّى تؤتون موثقًا من الله﴾ الموثق: هُوَ الْعَهْد الْمُؤَكّد بالقسم، وَقيل: الْمُؤَكّد بإشهاد الله على نَفسه. وَقَوله: ﴿لتأتنني بِهِ إِلَّا أَن يحاط بكم﴾ فِيهِ قَولَانِ، أَحدهمَا: إِلَّا أَن تهلكوا جَمِيعًا. وَالْآخر: إِلَّا أَن يأتيكم أَمر من السَّمَاء لَيْسَ لكم بِهِ قُوَّة.