﴿وَالَّذين هم عَن اللَّغْو معرضون (٣) وَالَّذين هم لِلزَّكَاةِ فاعلون (٤) وَالَّذين هم لفروجهم حافظون (٥) إِلَّا على أَزوَاجهم أَو مَا ملكت أَيْمَانهم فَإِنَّهُم غير ملومين﴾
وَقَوله: ﴿وَالَّذين هم عَن اللَّغْو معرضون﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: يَعْنِي الشَّك، وَقَالَ الْحسن: الْمعاصِي كلهَا. ذكر الزّجاج أَن اللَّغْو هُوَ كل كَلَام بَاطِل مطرح، وَيُقَال: إِن اللَّغْو هَا هُنَا هُوَ مُعَارضَة الْكفَّار بالسب والشتم، وَهَذَا قَول حسن؛ لِأَن الله تَعَالَى قَالَ: ﴿وَإِذا مروا بِاللَّغْوِ مروا كراما﴾ أَي: إِذا سمعُوا الْكَلَام الْقَبِيح أكْرمُوا أنفسهم عَن الدُّخُول فِيهِ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذين هم لِلزَّكَاةِ فاعلون﴾ أَي: مؤدون.
قَالَ الشّعبِيّ: هِيَ زَكَاة الْفطر، وَقَالَ بَعضهم: الزَّكَاة هَا هُنَا هِيَ الْعَمَل الصَّالح فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَالَّذين هم للْعَمَل الصَّالح فاعلون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذين هم لفروجهم حافظون﴾ حفظ الْفرج هُوَ التعفف عَن الْحَرَام.
وَقَوله: ﴿إِلَّا على أَزوَاجهم﴾ يُقَال: إِن الْآيَة فِي الرِّجَال بِدَلِيل أَن الله تَعَالَى قَالَ: ﴿أَو مَا ملكت أَيْمَانهم﴾ وَالْمَرْأَة لَا يجوز لَهَا أَن تستمتع بِملك يَمِينهَا، وَقيل: إِن أول الْآيَة فِي الرِّجَال وَالنِّسَاء جَمِيعًا، وَقَوله: ﴿أَو مَا ملكت أَيْمَانهم﴾ إِلَى الرِّجَال دون النِّسَاء ﴿فَإِنَّهُم غير ملومين﴾ أَي: غير معاتبين، فَإِن قيل: إِذا أصَاب امْرَأَته فِي حَال الْحيض أَو النّفاس وَمَا أشبهه، وَكَذَلِكَ الْجَارِيَة فقد أَتَى حَرَامًا، وَإِن كَانَ قد حفظ فرجه عَن غير زَوجته وَملك يَمِينه وَيكون ملوما؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: أَن تَقْدِير الْآيَة فِي هَذَا: وَالَّذين هم لفروجهم حافظون إِلَّا على أَزوَاجهم أَو مَا ملكت أَيْمَانهم على وَجه يجوز فِي الشَّرْع فَإِنَّهُم غير ملومين، وَكَذَلِكَ الْجَواب عَن قَول من اسْتدلَّ بِهَذِهِ الْآيَة فِي جَوَاز إتْيَان الْمَرْأَة فِي غير مأتاها أَو الْجَارِيَة.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿فَمن ابْتغى وَرَاء ذَلِك فَأُولَئِك هم العادون﴾ (أَي: سوى ذَلِك،