﴿بأعيننا ووحينا فَإِذا جَاءَ أمرنَا وفار التَّنور فاسلك فِيهَا من كل زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأهْلك إِلَّا من سبق عَلَيْهِ القَوْل مِنْهُم وَلَا تخاطبني فِي الَّذين ظلمُوا إِنَّهُم مغرقون (٢٧) فَإِذا استويت أَنْت وَمن مَعَك على الْفلك فَقل الْحَمد لله الَّذِي نجانا من الْقَوْم الظَّالِمين (٢٨) وَقل رب أنزلني منزلا مُبَارَكًا وَأَنت خير المنزلين (٢٩) إِن فِي﴾ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ.
وَقَوله: ﴿وَأهْلك إِلَّا من سبق عَلَيْهِ القَوْل مِنْهُم﴾ أَي: سبق عَلَيْهِ الحكم بإهلاكه، وَهُوَ ابْن نوح. قَالَ الْحسن: كَانُوا سَبْعَة وثامنهم نوح، وَقيل: سِتَّة وسابعهم نوح.
وَقَوله: ﴿وَلَا تخاطبني فِي الَّذين ظلمُوا إِنَّهُم مغرقون﴾ قد بَينا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِذا استويت أَنْت وَمن مَعَك على الْفلك﴾ أَي: استقررت وَجَلَست، وَقد يكون الاسْتوَاء بِمَعْنى الِارْتفَاع، قَالَ الْخَلِيل: دَخَلنَا على أبي ربيعَة الْأَعرَابِي، (فَقَالَ لنا: اسْتَووا) أَي: ارتفعوا. وَقَوله: ﴿فَقل الْحَمد لله الَّذِي نجانا من الْقَوْم الظَّالِمين﴾ أَي: الْكَافرين، وَفِي بعض الْأَخْبَار عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " مثل أهل بَيْتِي كَمثل سفينة نوح من ركبهَا سلم، وَمن لم يركبهَا (هلك) ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقل رب أنزلني منزلا مُبَارَكًا﴾ وقرىء: " منزلا "، فالمنزل مَوضِع النُّزُول، والمنزل بِمَعْنى الْإِنْزَال، وَفِي مَوضِع النُّزُول قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنه السَّفِينَة بعد الرّكُوب، وَالْآخر: أَنه الأَرْض بعد النُّزُول من السَّفِينَة، وَالْبركَة بعد النُّزُول هُوَ كَثْرَة النَّسْل من أَوْلَاده الثَّلَاثَة، وَالْبركَة قبل النُّزُول هُوَ النجَاة. وَفِي بعض أَخْبَار النَّبِي: " من نزل منزلا فَقَالَ: رب أنزلني منزلا مُبَارَكًا وَأَنت خير المنزلين، كَانَ ضمانا على الله أَن يحفظه من كل شَيْء يهوله، وَإِن توفّي فِي ذَلِك الْمنزل دخل الْجنَّة ". ذكره ابْن فَارس


الصفحة التالية
Icon