﴿من قومه الَّذين كفرُوا وكذبوا بلقاء الْآخِرَة وأترفناهم فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بشر مثلكُمْ يَأْكُل مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيشْرب مِمَّا تشربون (٣٣) وَلَئِن أطعتم بشرا مثلكُمْ إِنَّكُم إِذا لخاسرون (٣٤) أيعدكم أَنكُمْ إِذا متم وكنتم تُرَابا وعظاما أَنكُمْ﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقَالَ الْمَلأ من قومه الَّذين كفرُوا وكذبوا بلقاء الْآخِرَة﴾. أَي: بالمصير إِلَى الْآخِرَة.
وَقَوله: ﴿وأترفناهم فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ أَي: وأغنياهم فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا، وَيُقَال: وسعنا عَلَيْهِم الْمَعيشَة فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا حَتَّى أترفوا، والإتراف هُوَ التنعم بملاذ الْعَيْش. قَالَ القتيبي: والترفة كالتحفة.
وَقَوله: ﴿مَا هَذَا إِلَّا بشر مثلكُمْ يَأْكُل مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيشْرب مِمَّا تشربون﴾ يَعْنِي: مِنْهُ.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَلَئِن أطعتم بشرا مثلكُمْ﴾ أَي: من لحم وَدم مثلكُمْ.
وَقَوله: ﴿إِنَّكُم إِذا لخاسرون﴾ أَي: المغبونون، وَيُقَال: تاركون طَريقَة الْعُقَلَاء، فتكونون بِمَنْزِلَة من خسر عقله.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أيعدكم أَنكُمْ إِذا متم وكنتم تُرَابا وعظاما أَنكُمْ مخروجون﴾
تَحْصِيل الْمَعْنى: أيعدكم أَنكُمْ إِذا متم وقبرتم ثمَّ خَرجْتُمْ من قبوركم، وَفِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود: " أيعدكم إِذا متم وكنتم تُرَابا وعظاما أَنكُمْ مخروجون " وَأما على الْقِرَاءَة الْمَعْرُوفَة فنصب الأول بِتَقْدِير الْبَاء أَي: بأنكم، وَأما إِنَّكُم الثَّانِيَة للتَّأْكِيد، قَالَ الزّجاج: وَنَظِير هَذَا فِي الْقُرْآن قَوْله تَعَالَى: ﴿ألم يعلمُوا أَنه من يحادد الله وَرَسُوله فَإِن لَهُ نَار جَهَنَّم﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿هَيْهَات هَيْهَات لما توعدون﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس مَعْنَاهُ: بعيد بعيد مَا توعدون أَي: لَا يكون ذَلِك أبدا، هَيْهَات وأيهات بِمَعْنى وَاحِد، قَالَ الشَّاعِر:
(أيهات أيهات العقيق وَأَهله | أيهات خل بالعقيق نواصله) |