﴿وَإِن هَذِه أمتكُم أمة وَاحِدَة وَأَنا ربكُم فاتقون (٥٢) فتقطعوا أَمرهم بَينهم زبرا كل حزب بِمَا لديهم فَرِحُونَ (٥٣) فذرهم فِي غمرتهم حَتَّى حِين (٥٤) أيحسبون أَنما نمدهم بِهِ من مَال وبنين (٥٥) نسارع لَهُم فِي الْخيرَات بل لَا يَشْعُرُونَ (٥٦) ﴾
وَيَعْنِي أَن كل فريق مسرورون بِمَا عِنْدهم: فَأهل الْإِيمَان مسرورون بِالْإِيمَان وبمتابعة النَّبِي، وَالْكفَّار مسرورون بكفرهم وبمخالفة النَّبِي.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فذرهم فِي غمرتهم﴾ أَي: فِي ضلالتهم، وَقيل: فِي عمايتهم.
وَقَوله: ﴿حَتَّى حِين﴾ مَعْنَاهُ: إِلَى أَن يموتوا، وَالْآيَة للتهديد.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أيحسبون أَنما نمدهم بِهِ من مَال﴾ الْآيَة. مَعْنَاهُ: أيحسبون أَن الَّذِي نجعله مدَدا لَهُم من المَال والبنين
﴿نسارع لَهُم فِي الْخيرَات﴾ أَي: نعجل لَهُم فِي الْخيرَات، ونقدمها ثَوابًا لَهُم رضَا بأعمالهم، وَحَقِيقَة الْمَعْنى أَن: لَيْسَ الْأَمر على مَا يظنون أَن المَال والبنين خير لَهُم، بل هُوَ اسْتِدْرَاج لَهُم، ومكر بهم، فَهُوَ معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿بل لَا يَشْعُرُونَ﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الَّذين هم من خشيَة رَبهم مشفقون﴾. الخشية: انزعاج النَّفس لما يتَوَقَّع من الْمضرَّة، والإشفاق هَاهُنَا هُوَ الْخَوْف من الْعَذَاب، فَمَعْنَى الْآيَة: أَن الْمُؤمنِينَ من خشيَة رَبهم لَا يأمنون عَذَابه. قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: الْمُؤمن جمع إحسانا وخشية، وَالْمُنَافِق إساءة وَأمنا.
قَوْله: ﴿وَالَّذين هم بآيَات رَبهم يُؤمنُونَ﴾ أَي: يصدقون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذين هم برَبهمْ لَا يشركُونَ﴾ مَعْلُوم الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذين يُؤْتونَ مَا آتوا﴾ رُوِيَ عَن النَّبِي أَنه قَرَأَ: " وَالَّذين يأْتونَ مَا أَتَوا بِهِ "، وَهُوَ قِرَاءَة عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا.
(وَقَوله: ﴿يُؤْتونَ مَا آتوا﴾ أَي: يُعْطون مَا أعْطوا. وَقَوله: " يأْتونَ مَا آتوا " أَي: