( ﴿٦٣) حَتَّى إِذا أَخذنَا مترفيهم بِالْعَذَابِ إِذا هم يجأرون (٦٤) لَا تجأروا الْيَوْم إِنَّكُم منا لَا تنْصرُونَ (٦٥) قد كَانَت آياتي تتلى عَلَيْكُم فكنتم على أعقابكم تنكصون (٦٦) مستكبرين بِهِ سامرا تهجرون (٦٧) ﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿حَتَّى إِذا أَخذنَا مترفيهم بِالْعَذَابِ﴾ قد بَينا معنى المترف.
وَقَوله: ﴿بِالْعَذَابِ﴾ وَهُوَ السَّيْف يَوْم بدر، وَيُقَال: هُوَ الْقَحْط الَّذِي أَصَابَهُم بِدُعَاء الني.
وَقَوله: ﴿إِذا هم يجأرون﴾ أَي: يصيحون ويستغيثون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَا تجأروا الْيَوْم﴾ لَا تصيحوا الْيَوْم، والجؤار هُوَ رفع الصَّوْت.
وَقَوله: ﴿إِنَّكُم منا لَا تنْصرُونَ﴾ أَي: لَيْسَ أحد يمنعنا من عذابكم، وَقيل: ﴿لَا تنْصرُونَ﴾ لَا ترزقون، يُقَال: أَرض منصورة أَي: ممطورة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قد كَانَت آياتي تتلى عَلَيْكُم فكنتم على أعقابكم تنكصون﴾ أَي: ترجعون قهقري على أعقابكم، وَيُقَال: أقبح الْمَشْي هُوَ الرُّجُوع على عَقِبَيْهِ قهقري.
قَوْله تَعَالَى: ﴿مستكبرين بِهِ﴾ اخْتلف القَوْل فِي قَوْله، فأظهر الْأَقَاوِيل: أَن المُرَاد مِنْهُ الْحرم، وَيُقَال: الْبَيْت أَي: متعظمين بِالْبَيْتِ الْحَرَام، وتعظيمهم أَنهم كَانُوا يَقُولُونَ: نَحن أهل الله وجيران بَيته، وَكَانَ سَائِر الْعَرَب فِي خوف، وهم فِي أَمن، هَذَا قَول ابْن عَبَّاس وَمُجاهد وَجَمَاعَة، وَالْقَوْل الثَّانِي: ﴿مستكبرين بِهِ﴾ أَي: بِالْقُرْآنِ، على معنى أَنهم استكبروا فَلم يُؤمنُوا بِهِ، وَالْقَوْل الثَّالِث: أَنه الرَّسُول على الْمَعْنى الَّذِي ذكرنَا فِي الْقُرْآن.
وَقَوله: ﴿سامرا﴾ وقرىء فِي الشاذ: " سمارا "، والسامر والسمار فِي اللُّغَة بِمَعْنى وَاحِد. وَالْآيَة فِي أَنهم كَانُوا يَقْعُدُونَ بِاللَّيْلِ حول الْبَيْت يسمرون. قَالَ الثَّوْريّ: السمر ظلّ الْقَمَر تَقول الْعَرَب: لَا أُكَلِّمك السمر وَالْقَمَر، أَي: اللَّيْل وَالنَّهَار.
وَقَوله: ﴿تهجرون﴾ أَي: تعرضون عَن النَّبِي وَالْإِيمَان بِهِ وَالْقُرْآن وَالْإِيمَان،