﴿أفلم يدبروا القَوْل أم جَاءَهُم مَا لم يَأْتِ آبَاءَهُم الْأَوَّلين (٦٨) أم لم يعرفوا رسولهم فهم لَهُ منكرون (٦٩) أم يَقُولُونَ بِهِ جنَّة بل جَاءَهُم بِالْحَقِّ وَأَكْثَرهم للحق كَارِهُون (٧٠) وَلَو اتبع الْحق أهواءهم لفسدت السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ بل أتيناهم﴾ وَقيل: ﴿تهجرون﴾ أَي: تهذون. وقرىء: " تهجرون " من الهجر فِي الْكَلَام وَهُوَ الْقَبِيح، وَفِي الرِّوَايَات: أَنهم كَانُوا يَقْعُدُونَ عِنْد الْبَيْت فِي ظلّ الْقَمَر ويسبون النَّبِي.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أفلم يدبروا القَوْل﴾ يَعْنِي: مَا جَاءَهُم من القَوْل، وَهُوَ الْقُرْآن.
وَقَوله: ﴿أم جَاءَهُم مَا لم يَأْتِ آبَاءَهُم الْأَوَّلين﴾ (يَعْنِي: أيظنون أَنه جَاءَهُم مَا لم يَأْتِ من قبلهم، وَمَعْنَاهُ: أَنا بعثنَا إِلَيْهِم رَسُولا كَمَا بعثنَا إِلَى الْأَوَّلين).
قَوْله تَعَالَى: ﴿أم لم يعرفوا رسولهم فهم لَهُ منكرون﴾. يَعْنِي: أَنهم عرفوه صَغِيرا وكبيرا، وَعرفُوا نسبه، وَعرفُوا وفاءه بالعهد، وأداءه للأمانات، وَصدقه فِي الْأَقْوَال، وَهُوَ مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْمطلب، على مَا ذكرنَا من قبل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أم يَقُولُونَ بِهِ جنَّة﴾ أَي: جُنُون.
وَقَوله: ﴿بل جَاءَهُم بِالْحَقِّ﴾ أَي: بِالصّدقِ. وَقَوله: ﴿وَأَكْثَرهم للحق كَارِهُون﴾ أَي: ساخطون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَو اتبع الْحق أهواءهم﴾ أَي: لَو اتبع مَا نزل من الْقُرْآن أهواءهم.
﴿لفسدت السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ﴾ وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا؛ لأَنهم كَانُوا يودون أَن ينزل الله تَعَالَى ذكر أصنامهم على مَا يعتقدونها، وَلِأَنَّهُ هُوَ فِي معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا﴾ وَفِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود: " لفسدت السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ وَمن خلق ".
وَالْقَوْل الثَّانِي فِي الْآيَة: أَن المُرَاد من ﴿الْحق﴾ هُوَ الله تَعَالَى، وَمَعْنَاهُ: لَو اتبع (الله) أهواءهم لسمى لنَفسِهِ شَرِيكا وَولدا، ولفسدت السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمن