﴿وَلَا تأخذكم بهما رأفة فِي دين الله إِن كُنْتُم تؤمنون بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وليشهد عذابهما طَائِفَة من الْمُؤمنِينَ (٢) ﴾
وَذكر النقاش أَن فِي حرف أبي بن كَعْب فِي سُورَة الْأَحْزَاب، " الشَّيْخ وَالشَّيْخَة إِذا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ نكالا من الله وَالله عَزِيز حَكِيم ".
وَكَانَ عمر - رَضِي الله عَنهُ - قد هم أَن يكْتب هَذَا على حَاشِيَة الْمُصحف ثمَّ ترك لِئَلَّا يلْحق بِالْقُرْآنِ مَا لَيْسَ مِنْهُ.
وَقَوله: ﴿وَلَا تأخذكم بهما رأفة فِي دين الله﴾ وقرىء: " رافة " بِغَيْر همز، وقرىء فِي الشاذ: " رآفة " يَعْنِي: رَحْمَة. وَاعْلَم أَن الرَّحْمَة والرأفة معنى فِي الْقلب لَا ينْهَى عَنهُ؛ لِأَنَّهُ يُوجد فِي الْقلب من غير اخْتِيَار إِنْسَان، وَإِنَّمَا معنى الْآيَة: اسْتِعْمَال الرَّحْمَة فِي (تَعْطِيل الْحَد) وتخفيفه.
وَرُوِيَ عَن عبد الله بن عمر أَنه ضرب أمة لَهُ الْحَد، وَكَانَت قد زنت، فَجعل يضْرب رجلهَا وظهرها، فَقَالَ لَهُ سَالم ابْنه: ﴿وَلَا تأخذكم بهما رأفة فِي دين الله﴾ فَقَالَ: يَا بني: إِن الله لم يَأْمُرنِي بقتلها، وَلَا بِضَرْب رَأسهَا، وَقد ضربت فأوجعت. وَقد قَالَ أهل الْعلم: يجْتَهد فِي جلدَة الزَّانِي مَا لَا يجْتَهد فِي جلدَة شَارِب الْخمر لنَصّ الْكتاب.
(وَقَوله: ﴿فِي دين الله﴾ أَي: فِي حكم الله).
وَقَوله: ﴿إِن كُنْتُم تؤمنون بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَحَقِيقَة مَعْنَاهُ: أَن الْمُؤمن لَا تَأْخُذهُ رَحْمَة ورقة إِذا جَاءَ أَمر الرب.
وَقَوله: ﴿وليشهد عَذَابهَا طَائِفَة من الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: وَاحِد فَمَا فَوْقه. وَعَن عَطاء: رجل إِلَى ألف رجل. وَعَن سعيد بن جُبَير وَعِكْرِمَة: رجلَانِ. وَعَن الزُّهْرِيّ وَقَتَادَة: ثَلَاثَة نفر. وَقَالَ مَالك: أَرْبَعَة نفر، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَجَمَاعَة من أهل الْعلم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة أَو مُشركَة﴾ فِي الْآيَة أَقْوَال: أَحدهمَا: أَن


الصفحة التالية
Icon