( ﴿٧١) قَالُوا نفقد صواع الْملك وَلمن جَاءَ بِهِ حمل بعير وَأَنا بِهِ زعيم (٧٢) قَالُوا تالله لقد علمْتُم مَا جِئْنَا لنفسد فِي الأَرْض وَمَا كُنَّا سارقين (٧٣) قَالُوا فَمَا﴾
قَوْله: ﴿قَالُوا وَأَقْبلُوا عَلَيْهِم مَاذَا تَفْقِدُونَ﴾ رُوِيَ أَنهم وقفُوا وَقَالُوا للْقَوْم: مَاذَا تطلبون؟
قَوْله: ﴿قَالُوا نفقد صواع الْملك﴾ قَرَأَ يحيى بن يعمر: " صوغ الْملك " بالغين الْمُعْجَمَة [و] الصوغ من الذَّهَب أَو الْفضة، والصواع يذكر وَيُؤَنث، [و] الصواع: هُوَ السِّقَايَة الَّتِي ذكرهَا فِي الْآيَة الأولى. وَقيل: إِنَّه كَانَ يكون بَين يَدي الْملك، فَإِذا احْتِيجَ إِلَيْهِ أَخذ.
وَقَوله: ﴿وَلمن جَاءَ بِهِ حمل بعير﴾ يَعْنِي: وَلمن رده حمل بعير من الطَّعَام.
وَقَوله: ﴿وَأَنا بِهِ زعيم﴾ أَي: كَفِيل، والزعيم وَالْكَفِيل والضمين بِمَعْنى وَاحِد، وَيُسمى الرئيس زعيما؛ لِأَنَّهُ كفل أُمُور الْقَوْم زعيم يقوم بمصالحهم وَيتَكَلَّم عَنْهُم. فَإِن قيل: أتجوز الْكفَالَة بِالْمَجْهُولِ عنْدكُمْ وَهَذِه كَفَالَة بِالْمَجْهُولِ؟ قُلْنَا: لَا تجوز، وَيحْتَمل أَن حمل الْبَعِير كَانَ مَعْلُوما قدره عِنْدهم. وَالثَّانِي: أَن هَذِه جعَالَة وَلم تكن كَفَالَة، وَعِنْدنَا تجوز مثل هَذِه الْجعَالَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا تالله لقد علمْتُم مَا جِئْنَا لنفسد فِي الأَرْض﴾ يَعْنِي: وَالله مَا جِئْنَا لنفسد فِي الأَرْض أَي: لنسرق فِي ملك مصر ﴿وَمَا كُنَّا سارقين﴾ فِي بِلَادنَا فنسرق فِي بِلَادكُمْ. فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ قَالُوا: لقد علمْتُم وَكَانَ (من جوابهم) أَن يَقُولُوا: نَحن لَا نعلم؟ (قُلْنَا) : إِنَّمَا قَالُوا ذَلِك؛ لأَنهم كَانُوا جمَاعَة لَهُم قُوَّة وَشدَّة وَلم يَكُونُوا يظْلمُونَ أحدا من الطَّرِيق وَلَا يتركون دوابهم تدخل فِي حرث أحد، وَرُوِيَ أَنهم دخلُوا مصر حِين دخلُوا وَقد جعلُوا الأكمة على رُءُوس دوابهم لِئَلَّا تفْسد شَيْئا.
وَجَوَاب آخر: أَنهم إِنَّمَا قَالُوا هَذَا لأَنهم ردوا البضاعة المحمولة فِي رحالهم قَالُوا: فَلَو