﴿الْفَاسِقُونَ (٤) إِلَّا الَّذين تَابُوا من بعد ذَلِك وَأَصْلحُوا فَإِن الله غَفُور رَحِيم (٥) وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم وَلم يكن لَهُم شُهَدَاء إِلَّا أنفسهم فشهادة أحدهم أَربع شَهَادَات بِاللَّه إِنَّه لمن الصَّادِقين (٦) ﴾ تقبل بعد التَّوْبَة ذهب إِلَى أَن
قَوْله: ﴿إِلَّا الَّذين تَابُوا﴾ ينْصَرف إِلَى الْكل سوى الْحَد، وَعَن الشّعبِيّ: أَن الْحَد يسْقط أَيْضا بِالتَّوْبَةِ، وَأما من ذهب إِلَى أَن شَهَادَة الْقَاذِف لَا تقبل بعد التَّوْبَة قَالَ: إِن قَوْله: ﴿إِلَّا الَّذين تَابُوا﴾ ينْصَرف إِلَى قَوْله: ﴿وَأُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ﴾ فَإِن قيل: إِذا قبلتم شَهَادَة الْقَاذِف بعد التَّوْبَة، فَمَا معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿أبدا﴾ ؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: قَالَ الزّجاج فِي كِتَابه: أَبَد كل إِنْسَان مدَّته على مَا يَلِيق بِقِصَّتِهِ، فَإِذا قيل: لَا تقبل شَهَادَة الْكَافِر أبدا يُرَاد بِهِ مادام كَافِرًا، وَإِذا قيل: لَا تقبل شَهَادَة الْقَاذِف أبدا يُرَاد بِهِ مادام قَاذِفا، وَأما تَوْبَة الْقَاذِف فبإكذابه نَفسه، وَيُقَال: بندامته على مَا وجد مِنْهُ.
قَوْله: ﴿وَأَصْلحُوا﴾ أَي: استقاموا على التَّوْبَة.
وَقَوله: ﴿فَإِن الله غَفُور رَحِيم﴾ قد بَينا من قبل.
قَوْله: ﴿وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم﴾. يَعْنِي: يقذفون نِسَاءَهُمْ بِالزِّنَا.
وَقَوله: ﴿وَلم يكن لَهُم شُهَدَاء إِلَّا أنفسهم﴾ أَي: غير أنفسهم.
وَقَوله: ﴿فشهادة أحدهم أَربع﴾ بِالرَّفْع، وقرىء بِالنّصب " أَربع "، فَأَما بِالرَّفْع فتقديره: فشهادة أحدهم الَّتِي تدرأ الْحَد أَربع، فَيكون رفعا على خبر الِابْتِدَاء، وَأما بِالنّصب فتقديره: فشهادة أحدهم أَن يشْهد أَربع.
وَقَوله: ﴿شَهَادَات بِاللَّه إِنَّه لمن الصَّادِقين﴾ يَعْنِي: فِيمَا رميتها بِهِ من الزِّنَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالْخَامِسَة أَن لعنة الله عَلَيْهِ﴾ وقرىء: " أَن لعنة الله عَلَيْهِ " بِسُكُون