( ﴿٢٩) قل للْمُؤْمِنين يغضوا من أَبْصَارهم ويحفظوا فروجهم ذَلِك أزكى لَهُم إِن الله خَبِير بِمَا يصنعون (٣٠) ﴾ أَسْتَأْذن على أُمِّي؟ فَقَالَ: أَتُحِبُّ أَن ترى عورتها؟ قَالَ: لَا، قَالَ: اسْتَأْذن. وَعَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه قَالَ: لَيْسَ على حوانيت السُّوق إِذن. وَعَن ابْن سِيرِين أَنه كَانَ إِذا جَاءَ إِلَى حَانُوت السُّوق يَقُول: السَّلَام عَلَيْكُم أَدخل؟ ثمَّ يلج. وَعَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَحُذَيْفَة أَنه يسْتَأْذن على ذَوَات الْمَحَارِم، وَمثله عَن الْحسن الْبَصْرِيّ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل للْمُؤْمِنين يغضوا من أَبْصَارهم﴾ الْآيَة. من صلَة وَمَعْنَاهُ: يغضوا أَبْصَارهم، حُكيَ هَذَا عَن سعيد بن جُبَير، وَقَالَ بَعضهم: من هَا هُنَا للتَّبْعِيض، وَإِنَّمَا ذكر من هَا هُنَا؛ لِأَن غض الْبَصَر إِنَّمَا يجب عَن الْحَرَام، وَلَا يجب عَن الْحَلَال.
وَقَوله: ﴿ويحفظوا فروجهم﴾ هَذَا أَمر بالتعفف. قَالَ أَبُو الْعَالِيَة: حفظ الْفرج فِي كل الْقُرْآن بِمَعْنى الِامْتِنَاع من الْحَرَام، وَأما هَا هُنَا فَإِنَّهُ بِمَعْنى السّتْر.
وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي أَنه قَالَ لعَلي - رَضِي الله عَنهُ - " إِن لَك فِي الْجنَّة كنزا، وَإنَّك ذُو قرنيها، فَلَا تتبع النظرة النظرة؛ فَإِن الأولى لَك، وَالثَّانيَِة عَلَيْك " رَوَاهُ على نَفسه، وَعَن بعض السّلف قَالَ: إِن النّظر يزرع الشَّهْوَة فِي الْقلب، وَرب شَهْوَة أورثت حزنا طَويلا. وَعَن خَالِد بن أبي عمرَان أَنه قَالَ: إِن الرجل لينْظر نظرة فينغل قلبه، كَمَا ينغل الْأَدِيم، فَيفْسد قلبه حَتَّى لَا ينْتَفع بِهِ.
وروى أَبُو أُمَامَة عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " من نظر إِلَى محَاسِن امْرَأَة وغض بَصَره