﴿فقد سرق أَخ لَهُ من قبل فأسرها يُوسُف فِي نَفسه وَلم يبدها لَهُم قَالَ أَنْتُم شَرّ مَكَانا وَالله أعلم بِمَا تصفون (٧٧) قَالُوا يَا أَيهَا الْعَزِيز إِن لَهُ أَبَا شَيخا كَبِيرا﴾ نرفع دَرَجَات من نشَاء بالتوفيق والعصمة. وَقَوله: ﴿وَفَوق كل ذِي علم عليم﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: وَفَوق كل عَالم عَالم إِلَى أَن يَنْتَهِي الْعلم إِلَى الله. وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود: وَفَوق كل عَالم عليم ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا إِن يسرق فقد سرق أَخ لَهُ من قبل﴾ أَرَادوا بأَخيه من قبل: يُوسُف - عَلَيْهِ السَّلَام - وَاخْتلف القَوْل فِي أَنه أيش سرق؟
قَالَ سعيد بن جُبَير وَقَتَادَة: كَانَ عِنْد جده إِلَى أمه صُورَة تعبد فَأَخذهَا سرا وَأَلْقَاهَا لِئَلَّا تعبد. وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه كَانَ يَأْخُذ الطَّعَام من مائدة أَبِيه سرا فيعطيه الْمَسَاكِين.
وَالْقَوْل الثَّالِث: أَنه كَانَ عِنْد عمته تربيه، فَأَرَادَ يَعْقُوب أَن ينتزعه مِنْهَا فشدت عمته تَحت ثِيَابه منْطقَة، وَادعت أَنه سَرَقهَا لتحبسه عِنْد نَفسهَا وَيتْرك عِنْدهَا؛ فَإِنَّهَا كرهت أَن يُؤْخَذ مِنْهَا وَكَانَت أحبته حبا شَدِيدا، ذكره ابْن إِسْحَاق.
وَقَوله: ﴿فأسرها يُوسُف فِي نَفسه﴾ فَإِن قَالَ قَائِل: إِلَى أَيْن يرجع قَوْله: ﴿فأسرها يُوسُف فِي نَفسه وَلم يبدها لَهُم﴾ ؟ قُلْنَا: لَيْسَ لهَذَا مَذْكُور سَابق، وَمَعْنَاهُ: أسر الْكَلِمَة فِي نَفسه، وَتلك الْكَلِمَة أَنه قَالَ: ﴿أَنْتُم شَرّ مَكَانا﴾، وَلم يُصَرح بِهَذَا القَوْل. وَقَوله: ﴿شَرّ مَكَانا﴾ يَعْنِي: شَرّ صنيعا. وَحَقِيقَة مَعْنَاهُ: أَنه لم يكن من يُوسُف سَرقَة صَحِيحَة، وَقد كَانَت مِنْكُم سَرقَة صَحِيحَة؛ وَهُوَ سرقتكم يُوسُف من أَبِيه.
وَقَوله: ﴿وَالله أعلم بِمَا تصفون﴾ يَعْنِي: وَالله أعلم أَن أَخَاهُ قد سرق أَو لم يسرق
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا يَا أَيهَا الْعَزِيز إِن لَهُ أَبَا شَيخا كَبِيرا﴾ فِي الْقِصَّة: أَنهم غضبوا غَضبا شَدِيدا لهَذِهِ الْحَالة، وَكَانَ يهوذا إِذا غضب لم يقم لغضبه شَيْء، وَإِذا صَاح [فَكل] امْرَأَة حَامِل سَمِعت صياحه أَلْقَت وَلَدهَا، وَكَانَ مَعَ هَذَا إِذا مَسّه أحد من