﴿يكَاد زيتها يضيء وَلَو لم تمسسه نَار نور على نور يهدي الله لنوره من يَشَاء وَيضْرب الله الْأَمْثَال للنَّاس وَالله بِكُل شَيْء عليم (٣٥) ﴾ من أَشجَار الدُّنْيَا لكَانَتْ شرقية أَو عَرَبِيَّة، وَقَالَ غَيره: بل هُوَ وصف الزَّيْتُون - وَهُوَ الْأَصَح - وَفِيه أَقْوَال: أَحدهَا أَن مَعْنَاهُ: لَا شرقية أَي: لَيست مِمَّا تشرق عَلَيْهَا الشَّمْس، وَلَا تغرب عَلَيْهَا الشَّمْس، فَتكون لَا شرقية وَلَا غربية.
وَقَوله: ﴿وَلَا غربية﴾ أَي: لَيست مِمَّا تغرب عَلَيْهَا الشَّمْس وَلَا تشرق عَلَيْهَا الشَّمْس، فَتكون لَا غربية وَلَا شرقية فَمَعْنَى الْآيَة. أَنَّهَا لَيست بخالصة للشرق، وَلَا خَالِصَة للغرب، بل هِيَ شرقية غربية، يَعْنِي: بَين الشرق والغرب، لَا خَالِصا للشرق، وَلَا خَالِصا للغرب، وَالشَّمْس مشرقة عَلَيْهَا فِي جَمِيع أَوْقَاتهَا، وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَيكون زيتها أَضْوَأ قَالُوا: وَهَذَا كَمَا يُقَال: فلَان لَيْسَ بأسود وَلَا أَبيض أَي لَيْسَ بأسود خَالص وَلَا أَبيض خَالص أَي: قد اجْتمع فِيهِ الْبيَاض والسواد، وَيُقَال: هَذَا الرُّمَّان لَيْسَ بحلو وَلَا حامض أَي: اجْتمع فِيهِ الْحَلَاوَة والحموضة وَلم يخلص لوَاحِد مِنْهُمَا، وَهَذَا قَول الْفراء والزجاج وَأكْثر أهل الْمعَانِي، وَزعم ابْن قُتَيْبَة أَن معنى قَوْله: ﴿لَا شرقية وَلَا غربية﴾ أَي: لَيست فِي مضحاة، وَلَا فِي مقتاة، وَمَعْنَاهُ: لَيست فِي مضحاة فَتكون الشَّمْس عَلَيْهَا أبدا، وَلَا فِي الظل فَتكون فِي الظل أبدا، وَالْقَوْل الثَّالِث: أَنَّهَا شَجَرَة بَين الْأَشْجَار لَا هِيَ بارزة للشمس عِنْد شروقها، وَلَا هِيَ بارزة عِنْد غُرُوبهَا.
وَقَوله: ﴿يكَاد زيتها يضيء﴾ أَي: من صفائه ولونه.
وَقَوله: ﴿وَلَو لم تمسسه نَار﴾ أَي: وَإِن لم تمسسه نَار.
وَقَوله: ﴿نور على نور﴾ أَي: نور الْمِصْبَاح على نور الزجاجة.
وَقَوله: ﴿يهدي الله لنوره من يَشَاء﴾ أَي: نور البصيرة والعقيدة.
وَقَوله: ﴿وَيضْرب الله الْأَمْثَال للنَّاس﴾ أَي: يبين الله الْأَمْثَال للنَّاس.