﴿ويصرفه عَن من يَشَاء يكَاد سنا برقه يذهب بالأبصار (٤٣) يقلب الله اللَّيْل وَالنَّهَار إِن فِي ذَلِك لعبرة لأولي الْأَبْصَار﴾
وَقَوله: ﴿من﴾ صلَة مَعْنَاهُ: ينزل من السَّمَاء جبالا ﴿من برد﴾.
وَقَوله: ﴿فَيُصِيب بِهِ من يَشَاء﴾ يَعْنِي: بالبرد من يَشَاء. ﴿ويصرفه عَن من يَشَاء﴾.
وَقَوله: ﴿يكَاد سنا برقه﴾ أَي: ضوء برقه، وَقد ذكرنَا شعرًا فِي هَذَا.
وَقَوله: ﴿يذهب بالأبصار﴾ يَعْنِي: من شدَّة الضَّوْء.
وَقَوله: ﴿يقلب الله اللَّيْل وَالنَّهَار﴾ أَي: يصرف اللَّيْل وَالنَّهَار، وتقليب اللَّيْل وَالنَّهَار اخْتِلَافهمَا، وَهُوَ معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿يكور اللَّيْل على النَّهَار ويكور النَّهَار على اللَّيْل﴾ وَقد صَحَّ عَن النَّبِي بِرِوَايَة سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: " يَقُول الله تَعَالَى يُؤْذِينِي ابْن آدم يسب الدَّهْر، وَإِنَّمَا أَنا الدَّهْر، بيَدي اللَّيْل وَالنَّهَار (و) أقلبهما ".
قَالَ رَضِي الله عَنهُ: أخبرنَا بذلك الْمَكِّيّ بن عبد الرَّزَّاق، قَالَ: أخبرنَا جدي أَبُو الْهَيْثَم الْفربرِي، أخبرنَا البُخَارِيّ، أخبرنَا الْحميدِي، عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب الْخَبَر.
وَيُقَال: يقلب الله اللَّيْل وَالنَّهَار أَي: يدبر أَمر اللَّيْل وَالنَّهَار.
وَقَوله: ﴿إِن فِي ذَلِك لعبرة لأولي الْأَبْصَار﴾ أَي: آيَة وعظة لأولي الْأَبْصَار فِي الْقُلُوب، وَزعم أهل النَّحْو أَن الله تَعَالَى ذكر " من " ثَلَاث مَرَّات فِي الْآيَة الأولى، وَلكُل وَاحِد مِنْهَا معنى، فَقَوله: ﴿من السَّمَاء﴾ لابتداء الْغَايَة، وَقَوله: ﴿من جبال﴾ للتَّبْعِيض، وَقَوله: ﴿من برد﴾ للتجنيس، وَقد قَالَ بَعضهم فِي الْآيَة الثَّانِيَة: إِن معنى التقليب هُوَ أَنه يذهب بِاللَّيْلِ وَيَأْتِي بِالنَّهَارِ، وَيذْهب بِالنَّهَارِ وَيَأْتِي بِاللَّيْلِ.