﴿وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَعمِلُوا لصالحات ليَستَخْلِفنهم فِي الأَرْض كَمَا اسْتخْلف الَّذين من قبلهم﴾ بِالصبرِ على أَذَى الْكفَّار، فَكَانُوا يُصْبِحُونَ خَائِفين وَيُمْسُونَ خَائِفين، ثمَّ إِنَّه هَاجر إِلَى الْمَدِينَة، وَأمرُوا بِالْقِتَالِ وهم على خوفهم، فَكَانَ لَا يُفَارق أحد مِنْهُم سلاحه، فَقَالَ رجل من الْمُسلمين: أما نَأْمَن يَوْمًا من الدَّهْر؟ فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة، وَذكر بعض أهل التَّفْسِير: أَن أَصْحَاب رَسُول الله تمنوا أَن يظهروا على مَكَّة، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة: ﴿وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَعمِلُوا الصَّالِحَات ليَستَخْلِفنهم فِي الأَرْض كَمَا اسْتخْلف الَّذين من قبلهم﴾ قَالَ قَتَادَة: كَمَا اسْتخْلف دَاوُد وَسليمَان وَغَيرهمَا من الْأَنْبِيَاء الَّذين ملكوا.
وَاسْتدلَّ أهل الْعلم بِهَذِهِ الْآيَة على صِحَة خلَافَة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وهم: أَبُو بكر، وَعمر، وَعُثْمَان، وَعلي - رَضِي الله عَنْهُم - وَمن الْمَشْهُور الْمَعْرُوف بِرِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة، عَن سعيد بن جمْهَان، عَن سفينة أَن النَّبِي قَالَ: " الْخلَافَة بعدِي ثَلَاثُونَ سنة ".
قَالَ رَضِي الله عَنهُ: أخبرنَا بِهَذَا الحَدِيث أَبُو الْحُسَيْن بن النقور بِبَغْدَاد، أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم بن حبابة، أخبرنَا ابْن بنت منيع عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الْبَغَوِيّ، عَن هدبة [بن] خَالِد، عَن حَمَّاد بن سَلمَة... الْخَبَر. خرجه مُسلم فِي الصَّحِيح.
وَقَوله: ﴿وليمكنن لَهُم دينهم الَّذِي ارتضى لَهُم﴾ أَي: لَيظْهرَن دينهم على جَمِيع الْأَدْيَان، قَالَ أهل الْعلم: يعين: فَارس وَالروم وَمن أشبههم، وَفِي بعض الغرائب من الْأَخْبَار: أَن النَّبِي قَالَ: " مَا من بَيت مدر وَلَا وبر فِي الأَرْض إِلَّا ويدخله الله


الصفحة التالية
Icon