﴿اذْهَبُوا فتحسسوا من يُوسُف وأخيه وَلَا تيأسوا من روح الله إِنَّه لَا ييأس من روح الله إِلَّا الْقَوْم الْكَافِرُونَ (٨٧) فَلَمَّا دخلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيهَا الْعَزِيز مسنا﴾ يُوسُف حِين حبس بنيامين: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من يَعْقُوب إِسْرَائِيل الله بن إِسْحَاق ذبيح الله ابْن إِبْرَاهِيم خَلِيل الله إِلَى ملك مصر أما بعد: فَإنَّا أهل بَيت (وكل) بِنَا الْبلَاء، أما جدي إِبْرَاهِيم فشدت يَدَاهُ وَرجلَاهُ وَأُلْقِي فِي النَّار فجعلهما الله عَلَيْهِ بردا وَسلَامًا؛ وَأما أبي إِسْحَاق فشدت يَدَاهُ وَرجلَاهُ وَوضع السكين على حلقه فَفَدَاهُ الله بكبش، وَأما أَنا فابتليت بِفِرَاق أحب أَوْلَادِي إِلَيّ وَكنت أَتَسَلَّى بأَخيه من أمه وَقد حَبسته وَزَعَمت أَنه سرق، وَالله مَا أَنا بسارق وَلم أَلد سَارِقا فَإِن رَددته إِلَيّ وَإِلَّا دَعَوْت عَلَيْك دَعْوَة تدْرك السَّابِع من ولدك. فَلَمَّا بلغ (إِلَيْهِ الْكتاب) بَكَى بكاء شَدِيدا وَأظْهر نَفسه على مَا يرد.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا بني اذْهَبُوا فتحسسوا من يُوسُف﴾ التحسس: طلب الشَّيْء بالحاسة، وَمَعْنَاهُ: اطْلُبُوا وابحثوا عَن خبر يُوسُف وأخيه.
وَقَوله: ﴿وَلَا تيأسوا من روح الله﴾ فِي الشاذ قرىء: " من روح الله " (وَعَن أبي بن كَعْب أَنه قَرَأَ: " من رَحْمَة الله " وَالروح مَأْخُوذ من الرّيح، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة مَا يستراح بِهِ. وَقيل: من روح الله) أَي: من فرج الله، قَالَه أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء، وَقيل: من رَحْمَة الله، وَقيل: من فضل الله.
وَقَوله: ﴿إِنَّه لَا ييأس من روح الله إِلَّا الْقَوْم الْكَافِرُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ( ﴿فَلَمَّا دخلُوا عَلَيْهِ﴾ قَالُوا يَا أَيهَا الْعَزِيز مسنا وأهلنا الضّر) يَعْنِي: الْجُوع وَالْحَاجة. وَقَوله: ﴿وَجِئْنَا ببضاعة مزجاة﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: كَانَت دراهمهم زُيُوفًا فِي هَذِه الكرة، وَلم تَكُ تنْفق فِي الطَّعَام فَهَذَا معنى المزجاة، وَعَن مُجَاهِد وَقَتَادَة: مزجاة: قَليلَة يسيرَة، وَقَالَ مقَاتل: كَانَت بضاعتهم حَبَّة الخضراء، وَعَن الْكَلْبِيّ قَالَ: كَانَت بضاعتهم الحبال وَخلق الغرائر، وَقيل: كَانَت سويق الْمقل.