بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
﴿المر تِلْكَ آيَات الْكتاب وَالَّذِي أنزل إِلَيْك من رَبك الْحق وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يُؤمنُونَ (١) الله الَّذِي رفع السَّمَوَات بِغَيْر عمد ترونها ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش وسخر﴾سُورَة الرَّعْد
تَفْسِير سُورَة الرَّعْد، وَهِي مَكِّيَّة إِلَّا آيَتَيْنِ: قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَا يزَال الَّذين كفرُوا تصيبهم بِمَا صَنَعُوا قَارِعَة﴾ وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَيَقُول الَّذين كفرُوا لست مُرْسلا﴾ الْآيَة، فَإِنَّهُمَا مدنيتان.
قَوْله تَعَالَى: ﴿المر﴾ قَالُوا: مَعْنَاهُ أَنا الله أعلم وَأرى، وَقيل: إِن الْألف من الله، وَاللَّام من جِبْرِيل، وَالْمِيم من مُحَمَّد، وَالرَّاء من إرْسَال الله إِيَّاه - يَعْنِي مُحَمَّدًا - وَقد بَينا من قبل غير هَذَا.
وَقَوله: ﴿تِلْكَ آيَات الْكتاب﴾ قد بَينا فِي سُورَة يُوسُف. وَقَوله: ﴿وَالَّذِي أنزل إِلَيْك من رَبك الْحق﴾ الْإِنْزَال هُوَ النَّقْل من الْعُلُوّ إِلَى الْأَسْفَل، وَمعنى الْآيَة أَن مَا أهبط الله بِهِ جِبْرِيل عَلَيْك هُوَ الْحق، وَالْحق ضد الْبَاطِل، وَقيل: وضع الشَّيْء فِي مَوْضِعه على مَا توجبه الْحِكْمَة. وَقَوله: ﴿وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يُؤمنُونَ﴾ يَعْنِي من الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿الله الَّذِي رفع السَّمَوَات بِغَيْر عمد﴾ الْعمد: جسم مستطيل يمْنَع الْمُرْتَفع من الميلان، وَفِي معنى قَوْله: ﴿بِغَيْر عمد﴾ قَولَانِ: أَحدهمَا، وَهُوَ الْأَصَح: أَن مَعْنَاهُ: رفع السَّمَوَات بِغَيْر عمد ﴿ترونها﴾ كَذَلِك.
وَقد قَالَ أهل الْمعَانِي: لَو كَانَ لِلسَّمَوَاتِ عمد لرأيناها؛ لِأَن عمد الْجِسْم الغليظ يكون بالجسم الغليظ، فَلَا بُد أَن ترى، وَهَذَا قَول مُجَاهِد وَقَتَادَة وَأكْثر الْمُفَسّرين.
وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: معنى الْآيَة رفع السَّمَوَات بِغَيْر عمد ترونها.