﴿الأَرْض قطع متجاورات وجنات من أعناب وَزرع ونخيل صنْوَان وَغير صنْوَان يسقى بِمَاء وَاحِد ونفضل بَعْضهَا على بعض فِي الْأكل إِن فِي ذَلِك لآيَات لقوم يعْقلُونَ (٤) ﴾
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه لَيْسَ فِي الْآيَة حذف، وَهُوَ صَحِيح الْمَعْنى، وَفِي المتجاورات قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن مَعْنَاهُ أَنَّهَا متجاورة فِي الظَّاهِر مُخْتَلفَة فِي الْمَعْنى، هَذِه سبخَة وَهَذِه عذبة، وَهَذِه قَليلَة الرّيع، وَهَذِه كَثِيرَة الرّيع، وَهَذِه مزرعة، وَهَذِه مغرسة، وَهَذِه لَا مزرعة وَلَا مغرسة.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن مَعْنَاهُ: هَذِه عامرة، وَهَذِه غامرة، وَهَذِه صحاري وبراري، وَهَذِه جبال وأودية، فعلى هَذَا إِذا قَدرنَا فِي الْآيَة متجاورات وَغير متجاورات، فالمتجاورات هِيَ الأَرْض العامرة الْمُتَّصِل بَعْضهَا بِبَعْض، وَغير المتجاورات هِيَ الأَرْض الخربة الَّتِي فِيهَا الأودية والدكادك.
وَقَوله: ﴿وجنات من أعناب﴾ يَعْنِي: بساتين من أعناب. وَقَوله: ﴿وَزرع ونخيل﴾ مَعْلُوم الْمَعْنى. وَقَوله: ﴿صنْوَان وَغير صنْوَان﴾ قرىء: " صنْوَان " بِالضَّمِّ: وَالْمَعْرُوف " صنْوَان " بِالْكَسْرِ، وَفِي الْآثَار المسندة عَن الْبَراء بن عَازِب - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ: الصنوان هُوَ النّخل الْمُجْتَمع، وَغير الصنوان هُوَ المتفرق، وَالْمَعْرُوف فِي اللُّغَة أَن الصنوان هِيَ النخلات أَصْلهَا وَاحِد، وَغير صنْوَان هِيَ النَّخْلَة الْوَاحِدَة بأصلها.
وَقَوله: ﴿يسقى بِمَاء وَاحِد﴾ المَاء جسم رَقِيق مَائِع يشرب، بِهِ حَيَاة كل نَام، قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَجَعَلنَا من المَاء كل شَيْء حَيّ﴾ وَفِي الْآيَة رد على أَصْحَاب الطبيعة، فَإِن المَاء وَاحِد، والهواء وَاحِد، وَالتُّرَاب وَاحِد، والحرارة وَاحِدَة، وَالثِّمَار مُخْتَلفَة فِي اللَّوْن والطعم، وَقلة الرّيع وَكَثْرَة الرّيع، والطبيعة وَاحِدَة يَسْتَحِيل أَن توجب شَيْئَيْنِ مُخْتَلفين؛ فَدلَّ هَذَا أَن الْجَمِيع من الله تَعَالَى.
فِي جَامع أبي عِيسَى التِّرْمِذِيّ بِرِوَايَة أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي فِي قَوْله: {ونفضل