((١٠) لَهُ مُعَقِّبَات من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه يَحْفَظُونَهُ من أَمر الله إِن الله لَا يُغير مَا بِقوم) طَرِيقه، وَزعم بعض أهل الْمعَانِي أَن قَوْله: ﴿وَمن هُوَ مستخف بِاللَّيْلِ﴾ أَي: ظَاهر بِاللَّيْلِ، يُقَال: خفيت إِذا ظَهرت، وأخفيت إِذا كتمت، قَالَ الشَّاعِر:

(خفاهن من أنفاقهن كَأَنَّمَا خفاهن ودق من سَحَاب مركب)
وَقَوله: ﴿وسارب بِالنَّهَارِ﴾ أَي مستكن بِالنَّهَارِ، يُقَال: أسرب الْوَحْش إِذا استكن، وَالْقَوْل الأول هُوَ الْأَصَح.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَهُ مُعَقِّبَات من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه﴾ الْآيَة، فِي الْآيَة أَقْوَال، أظهرها: أَن المعقبات: الْمَلَائِكَة، والمعقبات المتداينات، يَعْنِي: يذهب بَعْضهَا وَيَأْتِي الْبَعْض فِي عَقبهَا، وَقد صَحَّ بِرِوَايَة أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي أَنه قَالَ: إِن لله مَلَائِكَة يتعاقبون بَيْنكُم، ويجتمعون فِي صَلَاة الْفجْر وَصَلَاة الْعَصْر فيعرج الَّذين باتوا فِيكُم؛ فَيَقُول الله لَهُم: كَيفَ تركْتُم عبَادي؟ فَيَقُولُونَ: أتيناهم وهم يصلونَ، وتركناهم وهم يصلونَ.
القَوْل الثَّانِي هُوَ مَا رُوِيَ عَن عِكْرِمَة قَالَ: الْآيَة فِي الْأُمَرَاء وحرسهم.
وَالْقَوْل الثَّالِث: مَا رُوِيَ عَن ابْن جريج أَنه قَالَ: الْآيَة فِي الَّذِي يقْعد عَن الْيَمين وَالشمَال يكْتب، وَذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿إِذْ يتلَقَّى المتلقيان عَن الْيَمين وَعَن الشمَال قعيد﴾.
وَقَوله: ﴿يَحْفَظُونَهُ من أَمر الله﴾ الْأَكْثَرُونَ على أَن قَوْله: ﴿من أَمر الله﴾ وَمَعْنَاهُ: أَنهم يَحْفَظُونَهُ بِإِذن الله، فَإِذا جَاءَ الْقدر خلوا بَينه وَبَينه، وَفِي بعض الْآثَار: أَن الله تَعَالَى يُوكل مَلَائِكَة بالنائم يَحْفَظُونَهُ من الْحَيّ والهوام فَإِذا قَصده شَيْء، قَالُوا: وَرَاءَك وَرَاءَك إِلَّا شَيْئا قدر أَن يُصِيبهُ.


الصفحة التالية
Icon