﴿ضلال (١٤) وَللَّه يسْجد من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكرها وظلالهم بِالْغُدُوِّ وَالْآصَال (١٥) قل من رب السَّمَوَات وَالْأَرْض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أَوْلِيَاء لَا يملكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نفعا وَلَا ضرا قل هَل يَسْتَوِي الْأَعْمَى والبصير أم هَل تستوي الظُّلُمَات﴾
وَقَوله: ﴿وَمَا دُعَاء الْكَافرين إِلَّا فِي ضلال﴾ يَعْنِي: إِلَّا فِي خطأ وَبطلَان.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَللَّه يسْجد من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكرها﴾ يَعْنِي: يسْجد من فِي السَّمَوَات طَوْعًا، وَيسْجد من فِي الأَرْض بَعضهم طَوْعًا وَبَعْضهمْ كرها. وَالسُّجُود هُوَ الخضوع بالتذلل، وَقيل: إِن سُجُود الْأَشْيَاء [هُوَ] تذللها وتسخيرها لما أُرِيد لَهُ وسخر لَهُ. وَقَوله: ﴿وظلالهم﴾ قَالُوا: ظلّ الْكَافِر يسْجد طَوْعًا، وَالْكَافِر يسْجد كرها، وظل الْمُؤمن يسْجد طَوْعًا، وَكَذَا الْمُؤمن يسْجد طَوْعًا، هَذَا هُوَ القَوْل الْمَنْقُول عَن السّلف. وَقيل: إِن سُجُود الظل هُوَ تسخيره وتذليله لما أُرِيد لَهُ. وَقيل: إِن معنى قَوْله: ﴿وظلالهم﴾ أشخاصهم ﴿بِالْغُدُوِّ وَالْآصَال﴾ بالبكر والعشايا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل من رب السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ مَعْنَاهُ: قل يَا مُحَمَّد: من رب السَّمَوَات وَالْأَرْض؟ ثمَّ أمره بالإجابة، وَقَالَ: ﴿قل الله﴾ وَرُوِيَ أَنه إِنَّمَا قَالَ هَذَا للْمُشْرِكين، عطفوا عَلَيْهِ، وَقَالُوا: أجب أَنْت، فَأمره الله، وَقَالَ: ﴿قل الله﴾ وَإِنَّمَا صحت هَذِه الْإِجَابَة مَعَهم؛ لأَنهم كَانُوا يقرونَ أَن الله خالقهم وخالق السَّمَوَات وَالْأَرْض.
وَقَوله: ﴿قل أفاتخذتم من دونه أَوْلِيَاء﴾ مَعْنَاهُ: أَنكُمْ مَعَ إقراركم أَن الله خالقكم وخالق السَّمَوَات وَالْأَرْض اتخذتم من دونه أَوْلِيَاء يَعْنِي: الْأَصْنَام. ﴿لَا يملكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نفعا وَلَا ضرا﴾ يَعْنِي: أَنهم عجزة، فَإِذا لم يملكُوا لأَنْفُسِهِمْ نفعا وَلَا ضرا، فَكيف يملكُونَ لكم؟.
وَقَوله: ﴿قل هَل يَسْتَوِي الْأَعْمَى والبصير﴾ ضرب مثلا لِلْمُؤمنِ وَالْكَافِر وَالْإِيمَان وَالْكفْر؛ فَقَالَ: ( ﴿قل هَل يَسْتَوِي الْأَعْمَى والبصير﴾ أم هَل تستوي الظُّلُمَات


الصفحة التالية
Icon