﴿جَهَنَّم وَبئسَ المهاد (١٨) أَفَمَن يعلم أَنما أنزل إِلَيْك من رَبك الْحق كمن هُوَ أعمى إِنَّمَا يتَذَكَّر أولُوا الْأَلْبَاب (١٩) الَّذين يُوفونَ بِعَهْد الله وَلَا ينقضون الْمِيثَاق (٢٠) وَالَّذين يصلونَ مَا أَمر الله بِهِ أَن يُوصل ويخشون رَبهم وَيَخَافُونَ سوء الْحساب (٢١) وَالَّذين صَبَرُوا ابْتِغَاء وَجه رَبهم وَأَقَامُوا الصَّلَاة وأنفقوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سرا وَعَلَانِيَة﴾ عذب " وَفِي رِوَايَة " هلك " وَقيل: إِن سوء الْحساب هُوَ أَن لَا يقبل حَسَنَة، وَلَا يعْفُو عَن سَيِّئَة. وَقَوله: ﴿ومأواهم جَهَنَّم﴾ أَي: مستقرهم جَهَنَّم.
وَقَوله: ﴿وَبئسَ المهاد﴾ أَي: بئس مَا مهدوا لأَنْفُسِهِمْ أَي: بئس مَا مهد لَهُم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَفَمَن يعلم أَنما أنزل إِلَيْك من رَبك الْحق كمن هُوَ أعمى﴾ نزلت الْآيَة فِي حَمْزَة بن عبد الْمطلب وَأبي جهل بن هِشَام، فَالْأول حَمْزَة وَالثَّانِي أَبُو جهل، وَقيل: فِي عمار بن يَاسر وَأبي جهل.
وَقَوله: ﴿إِنَّمَا يتَذَكَّر أولو الْأَلْبَاب﴾ أَي: يتعظ أولو الْأَلْبَاب، وَمعنى الْآيَة: أَن من يبصر الْحق ويتبعه، وَمن لَا يبصر الْحق وَلَا يتبعهُ لَا يستويان أبدا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿الَّذين يُوفونَ بِعَهْد الله﴾ ظَاهر الْمَعْنى، وَقيل: عهد الله تَعَالَى مَا أَخذه الله تَعَالَى من الْعَهْد على ذُرِّيَّة آدم حِين أَخذهم من صلبه.
وَقَوله: ﴿وَلَا ينقضون الْمِيثَاق﴾ هُوَ تَحْقِيق الْوَفَاء السَّابِق.
وَقَوله: ﴿وَالَّذين يصلونَ مَا أَمر الله بِهِ أَن يُوصل﴾ يَعْنِي: يُؤمنُونَ بِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاء، وَقيل: يصلونَ الرَّحِم وَلَا يقطعونه.
وَقَوله: ﴿ويخشون رَبهم﴾ أَي: يخَافُونَ رَبهم ﴿وَيَخَافُونَ سوء الْحساب﴾ أَي: يرهبون سوء الْحساب، وَسُوء الْحساب قد بَينا.
وَقَوله: ﴿وَالَّذين صَبَرُوا ابْتِغَاء وَجه رَبهم﴾ يَعْنِي: صَبَرُوا على أَمر الله [طلبا لرضا] رَبهم، وَقيل: صَبَرُوا على الْفقر، وعَلى المصائب والبلايا، وَقيل: صَبَرُوا عَن


الصفحة التالية
Icon