﴿الدُّنْيَا ولعذاب الْآخِرَة أشق وَمَا لَهُم من الله من واق (٣٤) مثل الْجنَّة الَّتِي وعد المتقون تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار أكلهَا دَائِم وظلها تِلْكَ عُقبى الَّذين اتَّقوا وعقبى الْكَافرين النَّار (٣٥) وَالَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب يفرحون بِمَا أنزل إِلَيْك وَمن الْأَحْزَاب من﴾ مَعْنَاهُ: فعلوا هم ذَلِك، وَقَوله: ﴿وَمن يضلل الله فَمَا لَهُ من هاد﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿لَهُم عَذَاب فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ قد بَينا الْعَذَاب فِي الدُّنْيَا.
﴿ولعذاب الْآخِرَة أشق﴾ يَعْنِي: أَشد. وَقَوله: ﴿وَمَا لَهُم من الله من واق﴾ أَي: من يقي.
وَقَوله: ﴿مثل الْجنَّة الَّتِي وعد المتقون﴾ قرئَ فِي الشاذ: " أَمْثَال الْجنَّة الَّتِي وعد المتقون " [و] الْمَعْرُوف: ﴿مثل الْجنَّة﴾ وَفِيه قَولَانِ: أَحدهمَا: صفة الْجنَّة الَّتِي وعد المتقون، وَالْقَوْل الثَّانِي: مثل الْجنَّة الَّتِي وعد المتقون جنَّة ﴿تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار أكلهَا دَائِم﴾ أَي: لَا يَنْقَطِع ثَمَرهَا وَنَعِيمهَا.
فَإِن قَالَ قَائِل: قد قَالَ هَاهُنَا: ﴿أكلهَا دَائِم﴾ وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: ﴿وَلَهُم رزقهم فِيهَا بكرَة وعشيا﴾ فَكيف التَّوْفِيق بَين الْآيَتَيْنِ؟
الْجَواب: أَن الدَّوَام بِمَعْنى عدم الِانْقِطَاع، فَإِذا لم يَنْقَطِع ورزقوا بكرَة وعشيا، فَهُوَ دَائِم. وَقَوله: ﴿وظلها﴾ هَذَا فِي معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿وظل مَمْدُود﴾.
وَفِي الْأَخْبَار: " أَن ظلّ شَجَرَة وَاحِدَة فِي الْجنَّة يسير الرَّاكِب فِيهَا مائَة عَام لَا يقطعهُ ". وَقَوله تَعَالَى: ﴿تِلْكَ عُقبى الَّذين اتَّقوا﴾ مَعْنَاهُ: تِلْكَ عَاقِبَة الَّذين اتَّقوا. وَقَوله: ﴿وعقبى الْكَافرين النَّار﴾ أَي: عَاقِبَة الْكَافرين النَّار.


الصفحة التالية
Icon