﴿الْيَوْم ثبورا وَاحِدًا وَادعوا ثبورا كثيرا (١٤) قل أذلك خيرا أم جنَّة الْخلد الَّتِي وعد المتقون كَانَت لَهُم جَزَاء ومصيرا (١٥) لَهُم فِيهَا مَا يشاءون خَالِدين كَانَ على رَبك وَعدا مسئولا (١٦) وَيَوْم يحشرهم وَمَا يعْبدُونَ من دون الله فَيَقُول أأنتم أضللتم عبَادي هَؤُلَاءِ أم هم ضلوا﴾.
خير، أصلا، فَكيف يَسْتَقِيم قَوْله: ﴿أذلك خير أم جنَّة الْخلد﴾ ؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: قُلْنَا: الْعَرَب قد تذكر مثل هَذَا، وَإِن لم يكن فِي أَحدهمَا خير أصلا، يُقَال: الرُّجُوع إِلَى الْحق خير من التَّمَادِي فِي الْبَاطِل، وَقَالَ الْأَزْهَرِي: إِنَّمَا ذكر لفظ " الْخَيْر " هَاهُنَا لِاسْتِوَاء المكانين فِي الْمنزل، على معنى أَنَّهُمَا منزلان ينزل فيهمَا الْخلق، فاستقام أَن يُقَال: هَذَا الْمنزل خير من ذَلِك الْمنزل لوُجُود الاسْتوَاء فِي صفة.
وَقَوله: ﴿كَانَت لَهُم جَزَاء ومصيرا﴾ أَي: مجازاة ومرجعا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَهُم فِيهَا مَا يشاءون خَالِدين﴾ أَي: مقيمين.
وَقَوله: ﴿كَانَ على رَبك وَعدا مسئولا﴾ أَي: مَطْلُوبا، وَهُوَ طلب الْمُؤمنِينَ فِي قَوْله: ﴿رَبنَا وآتنا مَا وعدتنا على رسلك﴾ أَي: على أَلْسِنَة رسلك، وَيُقَال: الطّلب من الْمَلَائِكَة للْمُؤْمِنين، وَذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿رَبنَا وأدخلهم جنَّات عدن الَّتِي وعدتهم﴾ الْآيَة.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَيَوْم يحشرهم وَمَا يعْبدُونَ من دون الله﴾ أَي: الْمَلَائِكَة، وَقيل: عِيسَى وعزيزا عَلَيْهِمَا السَّلَام.
وَقَوله: ﴿فَيَقُول﴾ أَي: يَقُول الله: ﴿أأنتم أضللتم عبَادي هَؤُلَاءِ أم هم ضلوا السَّبِيل﴾ أَي: هم أخطأوا الطَّرِيق.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لنا أَن نتَّخذ من دُونك من أَوْلِيَاء﴾ أَي: مَا كَانَ لنا أَن نأمرهم بعبادتنا وَنحن نعبدك، وَيُقَال: من اتخذ عَدو غَيره وليا فقد اتخذ من دونه وليا.


الصفحة التالية
Icon