﴿على الله إِنَّك على الْحق الْمُبين (٧٩) إِنَّك لَا تسمع الْمَوْتَى وَلَا تسمع الصم الدَّاء إِذا ولوا مُدبرين (٨٠) وَمَا أَنْت بهادي الْعمي عَن ضلالتهم إِن تسمع إِلَّا﴾ وَأنْشد بَعضهم:

(لقد أسمعت لَو ناديت حَيا وَلَكِن لَا حَيَاة لمن (أنادي))
وَقَوله: ﴿وَلَا تسمع الصم الدُّعَاء﴾ وَقُرِئَ: " لَا يسمع الصم الدُّعَاء " فَقَوله: ﴿لَا تسمع﴾ على مُخَاطبَة النَّبِي، وَقَوله: " لَا يسمع الصم الدُّعَاء " على الْخَبَر.
وَقَوله: ﴿إِذا ولوا مُدبرين﴾ أَي: معرضين، فَإِن قيل: إِذا كَانُوا صمًّا، فَمَا معنى قَوْله: ﴿إِذا ولوا مُدبرين﴾ فَإِذا كَانُوا صمًّا فهم لَا يسمعُونَ، سَوَاء ولوا مُدبرين أَو لم يولوا؟ قُلْنَا: الْأَصَم إِذا كَانَ حَاضرا فقد يسمع إِذا شدد فِي الصَّوْت، وَقد يعلم بِنَوْع إِشَارَة؛ فَإِذا ولى مُدبرا لم يسمع أصلا، وَيجوز ن يكون ذكره على طَرِيق التَّأْكِيد وَالْمُبَالغَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا أَنْت بهادي لعمى عَن ضلالتهم إِن تسمع إِلَّا من يُؤمن بِآيَاتِنَا﴾ أَي: جَاءَ قَاصِدا للْإيمَان بِآيَاتِنَا، وَقيل: لَا تسمع إِلَّا الْمُؤمنِينَ.
وَقَوله: ﴿فهم مُسلمُونَ﴾ أَي: لله.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذا وَقع القَوْل عَلَيْهِم﴾ أَي: حق الْعَذَاب عَلَيْهِم، وَقَالَ قَتَادَة: إِذا غضب الله عَلَيْهِم. وَعَن ابْن عمر: إِذا لم يأمروا بِمَعْرُوف، وَلم ينهوا عَن مُنكر.
وَقَوله: ﴿أخرجنَا لَهُم دَابَّة من الأَرْض﴾ رُوِيَ عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: لَيست بِدَابَّة لَهَا ذَنْب، وَلَكِن لَهَا لحية. كَأَنَّهُ يُشِير إِلَى أَنه رجل وَلَيْسَت بِدَابَّة، وَالْأَكْثَرُونَ على أَنَّهَا دَابَّة، (وَهِي) تخرج فِي آخر الزَّمَان.
وَيُقَال: إِن أول أَشْرَاط السَّاعَة طُلُوع لشمس من مغْرِبهَا وَخُرُوج دَابَّة الأَرْض.
وَقَالَ ابْن عَبَّاس: لَهَا زغب وَرِيش وَأَرْبع قَوَائِم.


الصفحة التالية
Icon