﴿الَّذين استضعفوا فِي الأَرْض ونجعلهم أَئِمَّة ونجعلهم الْوَارِثين (٥) ونمكن لَهُم فِي الأَرْض ونري فِرْعَوْن وهامان وجنودهما مِنْهُم مَا كَانُوا يحذرون (٦) وأوحينا إِلَى أم مُوسَى أَن أرضعيه فَإِذا خفت عَلَيْهِ فألقيه فِي اليم وَلَا تخافي وَلَا تحزني إِنَّا رادوه إِلَيْك﴾
وَقَوله: ﴿على الَّذين استضعفوا فِي الأَرْض﴾ أَي: بني إِسْرَائِيل.
وَقَوله: ﴿ونجعلهم أَئِمَّة﴾ أَي: وُلَاة.
وَقَوله: ﴿ونجعلهم الْوَارِثين﴾ أَي: الْوَارِثين لملك فِرْعَوْن والقبط، وَقد رُوِيَ أَن فِرْعَوْن لما أغرقه الله، رَجَعَ بَنو إِسْرَائِيل إِلَى مصر، واستعبدوا من بَقِي من القبط.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ونمكن لَهُم فِي الأَرْض﴾ أَي: نجْعَل لَهُم مصرا مَكَانا يستقرون فِيهِ.
وَقَوله: ﴿ونرى فِرْعَوْن وهامان وجنودهما مِنْهُم مَا كَانُوا يحذرون﴾ الحذر هُوَ التوقي من الضَّرَر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وأوحينا إِلَى أم مُوسَى﴾ فِي الْقِصَّة: أَن أم مُوسَى لما حبلت بمُوسَى لم يظْهر عَلَيْهَا الْحمل كَمَا يظْهر على النِّسَاء، وَولدت وَلم يعلم بولادتها أحد، وَجعلت ترْضِعه فِي خُفْيَة، ثمَّ إِنَّهَا خشيت أَن يطلع عَلَيْهِ النَّاس ويذبح، فَألْقى الله تَعَالَى فِي قَلبهَا مَا ذكره فِي هَذِه الْآيَة.
وَالْوَحي هُوَ الْإِعْلَام فِي خُفْيَة، فَأكْثر الْمُفَسّرين على أَن معنى قَوْله: ﴿وأوحينا إِلَى أم مُوسَى﴾ هُوَ إلهامها، وَألقى هَذَا الْمَعْنى فِي قَلبهَا، وَقَالَ بَعضهم: رَأَتْ ذَلِك رُؤْيا، [وَقَالَ] بَعضهم: هُوَ الْوَحْي حَقِيقَة، وأتاها الْملك بِهَذَا من الله، إِلَّا أَنَّهَا لم تكن نبية.
وَقَوله: ﴿أَن أرضعيه﴾ اخْتلف القَوْل فِي مُدَّة الرَّضَاع، مِنْهُم من قَالَ: ثَمَانِيَة أشهر، وَمِنْهُم من قَالَ: أَرْبَعَة أشهر، وَمِنْهُم من قَالَ: ثَلَاثَة أشهر.
وَقَوله: ﴿فَإِذا خفت عَلَيْهِ فألقيه فِي اليم﴾ الْخَوْف عَلَيْهِ هُوَ لخوف من الذّبْح.


الصفحة التالية
Icon