﴿قَالَ سنشد عضدك بأخيك ونجعل لَكمَا سُلْطَانا فَلَا يصلونَ إلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمن اتبعكما الغالبون (٣٥) فَلَمَّا جَاءَهُم مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَات قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سحر مفترى وَمَا سمعنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلين (٣٦) وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أعلم بِمن جَاءَ بِالْهدى من﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ سنشد عضدك بأخيك﴾ وَهَذَا على طَرِيق التَّمْثِيل؛ لِأَن قُوَّة الْيَد بالعضد. وَفِي الْكَلَام الْمَنْقُول من الْعَرَب أَن رجلا قيل لَهُ: مَاتَ أَبوك، قَالَ: ملكت نَفسِي، قيل لَهُ: مَاتَ ولدك، قَالَ: تفرغ قلبِي، قيل: مَاتَت زَوجتك، قَالَ: تجدّد فِرَاشِي، قيل: مَاتَ أَخُوك، قَالَ: وانفصام ظهراه، وَقَالَ الشَّاعِر:

(أَخَاك أَخَاك إِن من لَا أَخا لَهُ كساع إِلَى لهيجا بِغَيْر سلَاح)
(وَإِن ابْن عَم الْمَرْء فَاعْلَم جنَاحه وَهل ينْهض الْبَازِي بِغَيْر جنَاح؟ !)
وَقدم الله الْأَخ على سَائِر الْأَقَارِب فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿يَوْم يفر الْمَرْء من أَخِيه﴾ لِأَن الْإِنْسَان إِلَى أَخِيه أميل، وَبِه آنس، وَإِلَيْهِ أسكن.
وَقَوله: ﴿ونجعل لكم سُلْطَانا﴾ أَي: حجَّة.
وَقَوله: ﴿فَلَا يصلونَ إلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا﴾ أَي: لَا يصلونَ إلَيْكُمَا لمَكَان آيَاتنَا، وَيُقَال: فِي الْآيَة تَقْدِيم وَتَأْخِير، وَتَقْدِيره: ونجعل لَكمَا سُلْطَانا بِآيَاتِنَا فَلَا يصلونَ إلَيْكُمَا.
وَقَوله: ﴿أَنْتُمَا وَمن اتبعكما الغالبون﴾ الغالبون لفرعون وَقَومه.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُم مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَات﴾ أَي: واضحات.
وَقَوله: ﴿قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سحر مفترى﴾ أَي: مختلق.
وَقَوله: ﴿مَا سمعنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلين﴾ أَي: الَّذين مضوا.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أعلم بِمن جَاءَ بِالْهدى من عِنْده﴾ يَعْنِي: أعلم


الصفحة التالية
Icon