﴿عِنْده وَمن تكون لَهُ عَاقِبَة الدَّار إِنَّه لَا يفلح الظَّالِمُونَ (٣٧) وَقَالَ فِرْعَوْن يَا أَيهَا الْمَلأ مَا علمت لكم من إِلَه غَيْرِي فَأوقد لي يَا هامان على الطين فَاجْعَلْ لي صرحا لعَلي أطلع إِلَى إِلَه مُوسَى وَإِنِّي لأظنه من الْكَاذِبين (٣٨) واستكبر هُوَ وَجُنُوده فِي الأَرْض بِغَيْر الْحق﴾ بِمن جَاءَ بِالْهدى، فَأَنا الَّذِي جِئْت بِالْهدى من عِنْده.
وَقَوله: ﴿وَمن تكون لَهُ عَاقِبَة الدَّار﴾ أَي: وَأعلم بِمن تكون لَهُ عَاقِبَة الدَّار، وَهِي الْجنَّة.
وَقَوله: ﴿إِنَّه لَا يفلح الظَّالِمُونَ﴾ أَي: لَا يسْعد من أشرك بِاللَّه.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْن يَا أَيهَا الْمَلأ مَا علمت لكم من إِلَه غَيْرِي﴾ يُقَال: إِنَّه كَانَ بَين قَول هَذَا وَبَين قَوْله: ﴿أَنا ربكُم الْأَعْلَى﴾ أَرْبَعُونَ سنة.
وَقَوله: ﴿فَأوقد لي يَا هامان على الطين﴾ أَي: اطبخ لي الطين حَتَّى يصير آجرا، وَيُقَال: إِنَّه أول من اتخذ الْآجر.
وَقَوله: ﴿فَاجْعَلْ لي صرحا﴾ أَي: قصرا عَالِيا، وَقيل: مَنَارَة.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿لعَلي أطلع إِلَى إِلَه مُوسَى﴾ أَي: أناله وأصيبه.
وَفِي الْقِصَّة: أَن طول الصرح كَانَ شَيْئا كَبِيرا. ذكر فِي بعض التفاسير: أَن صرح فِرْعَوْن كَانَ طوله خَمْسَة آلَاف ذِرَاع وَخمسين ذِرَاعا، وَعرضه ثَلَاثَة آلَاف ذِرَاع ونيف.
وَكَانَ فِرْعَوْن لَا يقدر أَن يقوم على أَعْلَاهُ؛ مَخَافَة أَن تنسفه الرّيح، وَذكر السّديّ أَن فِرْعَوْن علا ذَلِك الصرح، وَرمى بنشابة إِلَى السَّمَاء، فَرَجَعت إِلَيْهِ متلطخة بِالدَّمِ، فَقَالَ: قد قتلت إِلَه مُوسَى.
وَقَوله: ﴿وَإِنِّي لأظنه من الْكَاذِبين﴾ أَي: لأظنه من الْكَاذِبين فِي زَعمه أَن للْأَرْض والخلق إِلَهًا غَيْرِي.