﴿الله يهدي من يَشَاء وَهُوَ أعلم بالمهتدين (٥٦) وَقَالُوا إِن نتبع الْهدى مَعَك نتخطف من أَرْضنَا أَو لم نمكن لَهُم حرما يجبي آمنا إِلَيْهِ ثَمَرَات كل شَيْء رزقا من لدنا وَلَكِن﴾ تعيرني نسَاء قُرَيْش، فيقلن: جزع عِنْد الْمَوْت، لأقررت بهَا عَيْنَيْك ". وَفِي رِوَايَة: " لَوْلَا أَن تعيرك نسَاء قُرَيْش، وَيكون سبه عَلَيْك، لأقررت بهَا عَيْنَيْك ". وَالْأول فِي الصَّحِيح، فَأنْزل الله تَعَالَى: ﴿إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت﴾ أَي: من أَحْبَبْت أَن يَهْتَدِي، وَقيل: من أحببته لِقَرَابَتِهِ ﴿وَلَكِن الله يهدي من يَشَاء﴾ أَي: يهدي لدينِهِ من يَشَاء.
وَعَن [سعيد بن أبي رَاشد] : أَن هِرقل بعث رَسُولا من تنوخ إِلَى رَسُول الله: فجَاء إِلَيْهِ وَهُوَ بتبوك يحمل كتاب هِرقل، فَقَالَ لَهُ النَّبِي: " يَا أَخا تنوخ، أسلم. فَقَالَ: إِنِّي رَسُول ملك جِئْت من عِنْده؛ فأكره أَن أرجع إِلَيْهِ بِخِلَاف مَا جِئْت، فَضَحِك النَّبِي، وَقَرَأَ قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت وَلَكِن الله يهدي من يَشَاء﴾ ".
وَقَوله: ﴿وَهُوَ أعلم بالمهتدين﴾ وَهُوَ أعلم بِمن قدر لَهُ الْهِدَايَة.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَقَالُوا إِن نتبع الْهدى مَعَك نتخطف من أَرْضنَا﴾ الاختطاف هُوَ الاستلاب بِسُرْعَة. وَيُقَال: إِن الْقَائِل لهَذَا القَوْل هُوَ الْحَارِث بن نَوْفَل بن عبد منَاف، قَالَ للنَّبِي: إِنَّا نعلم مَا جِئْت بِهِ حق، وَلَكنَّا إِن أسلمنَا مَعَك لم نطق الْعَرَب؛ فَإنَّا أَكلَة رَأس، ويقصدنا الْعَرَب من كل نَاحيَة، فَلَا نطيقهم.
وَقَوله: ﴿أَو لم نمكن لَهُم حرما أمنا﴾ أَي: ذَا أَمن، وَمن الْمَعْرُوف أَنه يَأْمَن فِيهِ الظباء من الذئاب، وَالْحمام من الحدأة.


الصفحة التالية
Icon