﴿الَّذين من قبلهم فليعلمن الله الَّذين صدقُوا وليعلمن الْكَاذِبين (٣) أم حسب الَّذين﴾ مَكَّة، وَجلده كل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة سَوط، ثمَّ لما وصل إِلَى أمه جعلت تضربه بالسياط حَتَّى رَجَعَ عَن دينه، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة، وَقد حسن إِسْلَامه بعد ذَلِك.
وَمن الْمَشْهُور الثَّابِت: " أَن النَّبِي كَانَ يَدْعُو فِي الْقُنُوت فَيَقُول: " اللَّهُمَّ، انج سَلمَة بن هِشَام وَعَيَّاش بن أبي ربيعَة والوليد بن الْوَلِيد وَالْمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّة، وَاشْدُدْ وطأتك على مُضر، وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِم سِنِين كسنين يُوسُف. فَدَعَا (هَكَذَا) شهرا ثمَّ ترك، فَقيل لَهُ فِي ذَلِك، فَقَالَ: أَلا تراهم قد قدمُوا ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد فتنا الَّذين من قبلهم﴾ أَي: ابتلينا الَّذين من قبلهم، يَعْنِي الْأَنْبِيَاء وَالْمُؤمنِينَ، وَيُقَال: ابتلينا بني إِسْرَائِيل بفرعون، وَكَذَلِكَ ابتلينا كل نَبِي بعدو لَهُ. وَقد ثَبت أَن النَّبِي قَالَ: حِين شكا إِلَيْهِ أَصْحَابه مَا يلقون من الْكفَّار: " إِنَّكُم تعجلون، وَقد كَانَ فِيمَن قبلكُمْ ينشر بالمناشير فَمَا يصرفهُ ذَلِك عَن دينه، وليتمن الله أمره ".
وَقَوله: ﴿ [فليعلمن] الله الَّذين صدقُوا﴾ يَعْنِي: نبتليهم ابتلاء من يستعلم حَالهم، وَيُقَال: وليعلمن الله الَّذين صدقُوا أَي: علم الشَّيْء وَاقعا، وَهُوَ الَّذِي يجازي عَلَيْهِ، وَقيل: فليعلمن الله الَّذين صدقُوا أَي: فليظهرن الله الصَّادِقين من الْكَاذِبين.
وَقَوله: ﴿ [وليعلمن] الْكَاذِبين﴾ قد ذكرنَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أم حسب الَّذين يعْملُونَ السَّيِّئَات﴾ والسيئة: كل خصْلَة تسوء عَاقبَتهَا، والحسنة: كل خصْلَة تسر عَاقبَتهَا.