﴿يعْملُونَ السَّيِّئَات أَن يسبقونا سَاءَ مَا يحكمون (٤) من كَانَ يَرْجُو لِقَاء الله فَإِن أجل الله لآت وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم (٥) وَمن جَاهد فَإِنَّمَا يُجَاهد لنَفسِهِ إِن الله لَغَنِيّ عَن الْعَالمين (٦) وَالَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات لنكفرن عَنْهُم سيئاتهم ولنجزينهم﴾
وَقَوله: ﴿أَن يسبقونا﴾ أَن يفوتونا، وَمن سبق شَيْئا فقد فَاتَهُ، وَقَوله: ﴿سَاءَ مَا يحكمون﴾ أَي: بئس الحكم حكمهم).
قَوْله تَعَالَى: ﴿من كَانَ يَرْجُو لِقَاء الله﴾ قَالَ الزّجاج: يخْشَى لِقَاء الله. وَقَالَ غَيره: يأمل لِقَاء الله، وَقيل: لِقَاء الله هُوَ لِقَاء جَزَائِهِ، وَيُقَال: لِقَاء الله هُوَ الرُّجُوع إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة.
وَقَوله: ﴿فَإِن أجل الله لآت﴾ مَعْنَاهُ: إِن وعد الله لآت، وَالْأَجَل هُوَ الْوَعْد الْمَضْرُوب، وَمعنى الْآيَة: أَن من يخْشَى أَو يأمل فليستعد. وَقد روى مَكْحُول: " أَن النَّبِي قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة لعَلي وَفَاطِمَة: يَا عَليّ، وَيَا فَاطِمَة، قد أنزل الله تَعَالَى قَوْله: ﴿من كَانَ يَرْجُو لِقَاء الله فَإِن أجل الله لآت﴾ فَاسْتَعدوا ". وَالْخَبَر غَرِيب.
وَقَوله: ﴿وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن جَاهد فَإِنَّمَا يُجَاهد لنَفسِهِ﴾ الْجِهَاد هُوَ الصَّبْر على الشدَّة، ثمَّ قد يكون الصَّبْر على الشدَّة فِي الْحَرْب على مَا أَمر بِهِ الشَّرْع، وَقد يكون الصَّبْر على الشدَّة فِي مُخَالفَة النَّفس بِأَيّ معنى كَانَ.
وَقَوله: ﴿فَإِنَّمَا يُجَاهد لنَفسِهِ﴾ أَي: مَنْفَعَة ذَلِك رَاجِعَة إِلَيْهِ.
وَقَوله: ﴿إِن الله لَغَنِيّ عَن الْعَالمين﴾ أَي: لَا يعود إِلَيْهِ ضرّ وَلَا نفع فِي طَاعَة وَلَا مَعْصِيّة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات لنكفرون عَنْهُم سيئاتهم﴾ التَّكْفِير إذهاب السَّيئَة بِالْحَسَنَة، وَهُوَ معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات﴾