﴿وَالَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات لندخلنهم فِي الصَّالِحين (٩) وَمن النَّاس من يَقُول آمنا بِاللَّه فَإِذا أوذي فِي الله جعل فتْنَة النَّاس كعذاب الله وَلَئِن جَاءَ نصر من رَبك ليَقُولن إِنَّا كُنَّا مَعكُمْ أَو لَيْسَ الله بِأَعْلَم بِمَا فِي صُدُور الْعَالمين (١٠) وليعلمن الله الَّذين آمنُوا﴾ الْأَوَّلين فِي الْإِسْلَام - فَكَانَ بارا بِأُمِّهِ، فَلَمَّا سَمِعت أمه بذلك دَعَتْهُ، وَقَالَت لَهُ: مَا هَذَا الدّين الَّذِي أحدثته؟ وَالله لَا آكل وَلَا أشْرب حَتَّى ترجع عَن دينك أَو أَمُوت، فتعير بذلك أَبَد الدَّهْر، ثمَّ إِنَّهَا مكثت يَوْمًا وَلَيْلَة لم تَأْكُل، فجهدت جهدا شَدِيدا، ثمَّ مكثت يَوْمًا وليله أُخْرَى لم تَأْكُل وَلم تشرب، فجَاء سعد إِلَيْهَا، وَقَالَ: يَا أُمَّاهُ، لَو كَانَ لَك مائَة نفس فَخرجت، لم أرجع عَن ديني، فَلَمَّا أَيِست مِنْهُ أكلت وشربت، وَأنزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة، وَأمره بِالْبرِّ بِوَالِديهِ، وَنَهَاهُ أَن يُشْرك طَاعَة لَهما. وَقيل: الْآيَة عَامَّة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات لندخلنهم فِي الصَّالِحين﴾ أَي: فِي زمرة الصَّالِحين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن النَّاس من يَقُول آمنا بِاللَّه فَإِذا أوذي فِي الله جعل فتْنَة النَّاس كعذاب الله﴾ أَي: جزع من عَذَاب النَّاس كَمَا (يجزع] من عَذَاب الله.
وَقَوله: ﴿وَلَئِن جَاءَ نصر من رَبك ليَقُولن إِنَّا كُنَّا مَعكُمْ﴾ الْآيَة فِي الْقَوْم الَّذين تخلفوا بِمَكَّة مِمَّن أَسْلمُوا، فَلَمَّا آذاهم الْمُشْركُونَ لم يصبروا، وأعطوهم مَا طلبُوا.
وَقَوله: ﴿نصر من رَبك﴾ أَي: فتح من رَبك ودولة للْمُؤْمِنين.
وَقَوله: ﴿ليَقُولن إِنَّا كُنَّا مَعكُمْ﴾ يَعْنِي: كُنَّا مُسلمين، وَإِنَّمَا أكرهنا حَتَّى قُلْنَا مَا قُلْنَا.
وَقَوله: ﴿أَو لَيْسَ الله بِأَعْلَم بِمَا فِي صُدُور الْعَالمين﴾ أَي: يعلم مَا فِي صُدُورهمْ، فيميز صدقهم من كذبهمْ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وليعلمن الله الَّذين آمنُوا وليعلمن الْمُنَافِقين﴾ قد بَينا، وَيُقَال:


الصفحة التالية
Icon