﴿وليعلمن الْمُنَافِقين (١١) وَقَالَ الَّذين كفرُوا للَّذين آمنُوا اتبعُوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وَمَا هم بحاملين من خطاياهم من شئ إِنَّهُم لَكَاذِبُونَ (١٢) وليحملن أثقالهم وأثقالا مَعَ أثقالهم وليسألن يَوْم الْقِيَامَة عَمَّا كَانُوا يفترون (١٣) وَلَقَد أرسلنَا نوحًا إِلَى قومه﴾ آمنُوا أَي: وفوا بِمَا عهدوا، وحققوا أَقْوَالهم بأفعالهم، وَأما المُنَافِقُونَ خالفوا أَقْوَالهم بأفعالهم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقَالَ الَّذين كفرُوا للَّذين آمنُوا﴾ روى أَن أَبَا سُفْيَان وَذَوِيهِ قَالُوا للَّذين أَسْلمُوا: اتبعُوا سبيلنا أَي: الطَّرِيق الَّذِي نَحن عَلَيْهِ.
وَقَوله: ﴿ولنحمل خطاياكم﴾ أَي: وَنحن نحمل خطاياكم إِن خِفْتُمْ من عُقُوبَته، فَنحْن كفلا بكم، ونتحمل عَنْكُم الْعقُوبَة.
وَقَوله: ﴿وَمَا هم بحاملين من خطاياهم من شئ إِنَّهُم لَكَاذِبُونَ﴾ يَعْنِي: فِي ضَمَان تحمل الْخَطَايَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وليحملن أثقالهم﴾ أَي: أوزارهم، والأوزار: الذُّنُوب.
وَقَوله: ﴿وأثقالا مَعَ أثقالهم﴾ أَي: أوزارا مَعَ أوزارهم.
فَإِن قيل: كَيفَ يَسْتَقِيم هَذَا، وَالله تَعَالَى قَالَ فِي آيَة أُخْرَى: ﴿وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى﴾ ؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: أَن معنى قَوْله: ﴿وأثقالا مَعَ أثقالهم﴾ أَي: إِثْم دُعَائِهِمْ إِلَى ترك الْإِيمَان، وَيُقَال: إِن الْأَشْرَاف فيهم [يحملون] ذنُوب الأتباع؛ لأَنهم سنوا لَهُم الضَّلَالَة ودعوهم إِلَيْهَا. وَقد روى عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " من دَعَا إِلَى ضَلَالَة فَاتبع عَلَيْهَا، فَعَلَيهِ وزر من اتبعهُ من غير أَن ينقص من أوزارهم شئ ".
وروى أَبُو أُمَامَة الْبَاهِلِيّ عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " يُؤْتى بِعَبْد يَوْم الْقِيَامَة وَقد ظلم هَذَا، وَشتم هَذَا، وَأخذ مَال هَذَا، فتؤخذ حَسَنَاته ويعطون، فَيُقَال: يَا رب، قد بَقِي


الصفحة التالية
Icon