﴿تقلبون (٢١) وَمَا أَنْتُم بمعجزين فِي الأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء وَمَا لكم من دون الله من ولي وَلَا نصير (٢٢) وَالَّذين كفرُوا بآيَات الله ولقائه أُولَئِكَ يئسوا من رَحْمَتي وَأُولَئِكَ لَهُم عَذَاب أَلِيم (٢٣) فَمَا كَانَ جَوَاب قومه إِلَّا أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَو حرقوه فأنجاه الله من﴾
وَيُقَال: يعذب من يَشَاء بِقبُول الْبِدْعَة، وَيرْحَم من يَشَاء بملازمة السّنة.
وَقَوله: ﴿وَإِلَيْهِ تقلبون﴾ أَي: تردون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا أَنْتُم بمعجزين فِي الأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء﴾ (أَي: بمعجز الله عَن عذابكم، وَمَعْنَاهُ: أَنكُمْ لَا تفوتونه كَمَا يفوت عَن الْإِنْسَان مَا يعجز، فَإِن قيل: قد قَالَ: ﴿وَلَا فِي السَّمَاء﴾ وَالْخطاب مَعَ الْآدَمِيّين، وَلَيْسوا فِي السَّمَاء، فَكيف يَسْتَقِيم هَذَا الْكَلَام؟ وَالْجَوَاب من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: وَمَا أَنْتُم بمعجزين فِي الأَرْض، وَلَا فِي السَّمَاء معجز. قَالَ الْفراء: وَهَذَا من غامض الْعَرَبيَّة. قَالَ حسان بن ثَابت شعرًا:

(وَمن يهجو رَسُول الله مِنْكُم ويمدحه وينصره سَوَاء)
أَي: وَمن يمدحه وينصره مِنْكُم سَوَاء، وَالْجَوَاب الثَّانِي: أَن معنى قَوْله: ﴿وَلَا فِي السَّمَاء﴾ أَي: لَو كُنْتُم فِي السَّمَاء لم تعجزوه أَيْضا كَالرّجلِ يَقُول: مَا أَنْت هَاهُنَا بمعجزي وَلَا بِالْبَصْرَةِ أَي: وَلَو كنت بِالْبَصْرَةِ لم تعجزني أَيْضا.
وَقَوله: ﴿وَمَا لكم من دون الله من ولي وَلَا نصير﴾ أَي: من وَال وَلَا مَانع.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذين كفرُوا بآيَات الله ولقائه﴾ قَالَ قَتَادَة: ذمّ الله أَقْوَامًا هانوا عَلَيْهِ، فَقَالَ: ﴿أُولَئِكَ يئسوا من رَحْمَتي وَأُولَئِكَ لَهُم عَذَاب أَلِيم﴾ أَي: موجع مؤلم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَمَا كَانَ جَوَاب قومه إِلَّا أَن قَالُوا﴾ اعْلَم أَن الْآيَات الَّتِي تقدّمت مُعْتَرضَة من قصَّة إِبْرَاهِيم ودعائه قومه إِلَى الله وجوابهم لَهُ، وَتلك الْآيَات فِي النَّبِي وحجاجه مَعَ الْمُشْركين، ثمَّ وَقع الْعود فِي هَذِه الْآيَة إِلَى جَوَاب قوم إِبْرَاهِيم لَهُ.


الصفحة التالية
Icon