﴿كَانُوا يعلمُونَ (٤١) إِن الله يعلم مَا يدعونَ من دونه من شَيْء وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم (٤٢) وَتلك الْأَمْثَال نَضْرِبهَا للنَّاس وَمَا يَعْقِلهَا إِلَّا الْعَالمُونَ (٤٣) خلق الله السَّمَوَات﴾ بهَا بَيْتا تأوي إِلَيْهِ، (وبيته) فِي غَايَة الضعْف والوهاء، وَإِنَّمَا مثل عبَادَة الْأَصْنَام بِبَيْت العنكبوت؛ لِأَن بَيت العنكبوت لَا يقي حرا وَلَا بردا، وَكَذَلِكَ عبَادَة الْأَصْنَام لَا تجلب نفعا، وَلَا تدفع ضرا.
وَفِي بعض الْأَخْبَار: أَن النَّبِي أَنه قَالَ: " العنكبوت شَيْطَان مسخ فَاقْتُلُوهُ " وَالْخَبَر غَرِيب.
وَعَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه أَمر أَلا يتْرك نَسِيج العنكبوت فِي الْبَيْت، وَقَالَ: تَركه يُورث الْفقر. وَقد بَينا أَن الله تَعَالَى جعل العنكبوت جند النَّبِي فِي الْغَار.
وَقَوله: ﴿وَإِن أوهن الْبيُوت لبيت العنكبوت لَو كَانُوا يعلمُونَ﴾ أَي: لَو كَانُوا يعلمُونَ أَن عبَادَة الْأَصْنَام لَا تغني شَيْئا، كَمَا علمُوا أَن بَيت العنكبوت لَا يدْفع شَيْئا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الله يعلم مَا يدعونَ من دونه من شَيْء﴾ أَي: يعلم مَا يدعونَ من دونه من الْأَصْنَام وَغَيرهَا.
وَقَوله: ﴿وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم﴾ أَي: الْعَزِيز بالانتقام من أعدائه، الْحَكِيم فِي تَدْبِير خلقه.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَتلك الْأَمْثَال نَضْرِبهَا للنَّاس﴾ أَي: الْأَشْبَاه الَّتِي يَقع بهَا التَّمْثِيل.
وَقَوله: ﴿وَمَا يَعْقِلهَا إِلَّا الْعَالمُونَ﴾ (أَي: الْعَالمُونَ بمعاني كَلَامي، وَعَن بعض السّلف قَالَ: يسْتَحبّ أَن يقف عِنْد كل مثل فِي الْقُرْآن، فَإِن الله تَعَالَى يَقُول: ﴿وَمَا يَعْقِلهَا إِلَّا الْعَالمُونَ﴾.


الصفحة التالية
Icon