( ﴿٤٥) وَلَا تجادلوا أهل الْكتاب إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحسن إِلَّا الَّذين ظلمُوا مِنْهُم وَقُولُوا آمنا﴾
وَعَن الْحسن وَقَتَادَة أَنَّهُمَا قَالَا: من صلى وَلم ينْتَه عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر، فَصلَاته وبال عَلَيْهِ.
وَقَوله: ﴿وَلذكر الله أكبر﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: وَلذكر الله أفضل من كل الطَّاعَات، وَرُوِيَ عَن ثَابت الْبنانِيّ أَن رجلا أعتق أَربع رِقَاب، وَجعل آخر يذكر الله بالتسبيح والتحميد والتهليل، ثمَّ سُئِلَ عَن ذَلِك جمَاعَة من أهل الْعلم، فَقَالُوا: ذكر الله تَعَالَى أفضل؛ لِأَن الله تَعَالَى قَالَ: ﴿وَلذكر الله أكبر﴾.
وَالْقَوْل الثَّانِي أَن مَعْنَاهُ: وَلذكر الله إيَّاكُمْ أكبر من ذكركُمْ إِيَّاه، وَهَذَا قَول ابْن عَبَّاس، وَرُوِيَ إِن رجلا قَالَ لِابْنِ عَبَّاس: إِن فلَانا (يَقُول) فِي قَوْله: ﴿وَلذكر الله أكبر﴾ : إِن مَعْنَاهُ: إِذا ذكره وانْتهى عَن مَعَاصيه، فَقَالَ: هَذَا كَلَام حسن. وَلَيْسَ بِمَعْنى الْآيَة؛ وَإِنَّمَا معنى الْآيَة مَا ذكرنَا عَنهُ، وَهُوَ قَوْله: وَلذكر الله إيَّاكُمْ أكبر من ذكركُمْ إِيَّاه. وَمِنْهُم من قَالَ: وَلذكر الله فِي الثَّوَاب أكبر من ذكركُمْ فِي الطَّاعَة.
وَقَوله: ﴿وَالله يعلم مَا تَصْنَعُونَ﴾ أَي: تَفْعَلُونَ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَا تجادلوا أهل الْكتاب إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحسن﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: وَلَا تجادلوا أهل الْكتاب الَّذين قبلوا الْجِزْيَة إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحسن، وَقَوله: ﴿إِلَّا الَّذين ظلمُوا مِنْهُم﴾ المُرَاد بهم على هَذَا القَوْل أهل الْحَرْب.
وَالْقَوْل الثَّانِي: ﴿وَلَا تجادلوا أهل الْكتاب﴾ يَعْنِي: الْمُؤمنِينَ مِنْهُم، وَمعنى النَّهْي عَن المجادلة مَعَهم بعد إِيمَانهم، هُوَ أَنهم كَانُوا يخبرون عَن أَشْيَاء فِي كتبهمْ لم يعلمهَا الْمُؤْمِنُونَ، [فَنهى] عَن مجادلتهم فِيهَا، فلعلها صَحِيحَة.
وَقَوله: ﴿إِلَّا الَّذين ظلمُوا مِنْهُم﴾ هم الَّذين لم يُؤمنُوا. وَعَن قَتَادَة قَالَ: الْآيَة