﴿يَغْشَاهُم الْعَذَاب من فَوْقهم وَمن تَحت أَرجُلهم وَيَقُول ذوقوا مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ (٥٥) يَا عبَادي الَّذين آمنُوا إِن أرضي وَاسِعَة فإياي فاعبدون (٥٦) كل نفس ذائقة الْمَوْت ثمَّ﴾ فَوْقهم وَمن تَحت أَرجُلهم، وَهُوَ مثل قَوْله تَعَالَى فِي آيَة أُخْرَى: ﴿لَهُم من فَوْقهم ظلل من النَّار وَمن تَحْتهم ظلل﴾
وَقَوله: ﴿وَيَقُول ذوقوا مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ﴾ قد بَينا معنى الذَّوْق من قبل.
وَقَوله: ﴿مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ﴾ أَي: جَزَاء بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا عبَادي الَّذين آمنُوا إِن أرضي وَاسِعَة﴾ قَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي هَذِه الْآيَة: كَانُوا إِذا ظَهرت الْمعْصِيَة بِأَرْض خَرجُوا مِنْهَا. وَعَن سعيد بن جُبَير وَعَطَاء أَنَّهُمَا قَالَا: إِذا أمرت بالمعصية فِي (بَلْدَة) فَأخْرج مِنْهَا (وَفِي رِوَايَة: " إِذا ظَهرت الْمعْصِيَة فِي بَلْدَة فَأخْرج مِنْهَا).
وَذكر أهل الْعلم أَنه إِذا لم يُمكنهُ الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر خرج أَيْضا، وَالْآيَة نزلت فِي قوم تخلفوا عَن الْهِجْرَة بِمَكَّة، وَقَالُوا: نخشى إِن هاجرنا من الْجُوع وضيق الْمَعيشَة؛ فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة، وَلم يعذرهم فِي ترك الْخُرُوج، وَفِي الْآيَة قَول آخر: وَهُوَ أَن معنى قَوْله: ﴿إِن أرضي وَاسِعَة﴾ أَي: رِزْقِي وَاسع، ذكره مطرف ابْن عبد الله ابْن الشخير.
وَقَوله: ﴿فإياي فاعبدون﴾ أَي: وحدوني وأطيعوني.
قَوْله: ﴿كل نفس ذائقة الْمَوْت﴾ مَعْنَاهُ: أَن تخلفهم (عَن) الْهِجْرَة لَا ينجيهم من الْمَوْت، وَقد روى جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ " أَن النَّبِي


الصفحة التالية
Icon