﴿قل الْحَمد لله بل أَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ (٦٣) وَمَا هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا لَهو وَلعب وَإِن الدَّار الْآخِرَة لهي الْحَيَوَان لَو كَانُوا يعلمُونَ (٦٤) فَإِذا ركبُوا فِي الْفلك دعوا الله مُخلصين لَهُ الدّين فَلَمَّا نجاهم إِلَى الْبر إِذا هم يشركُونَ (٥٦) ليكفروا بِمَا آتَيْنَاهُم وليتمتعوا فَسَوف يعلمُونَ (٦٦) أَو لم يرَوا أَنا جعلنَا حرما آمنا وينخطف النَّاس من﴾
وَقَوله: ﴿بل أَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ﴾ أَي: لَا يعلمُونَ أَن الْفَاعِل لهَذِهِ الْأَشْيَاء هُوَ الله تَعَالَى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا لَهو وَلعب﴾ اللَّهْو هُوَ الِاسْتِمْتَاع بلذات الدُّنْيَا، وَسمي لهوا؛ لِأَنَّهَا فانية بِخِلَاف لذات الْآخِرَة.
وَقَوله: ﴿وَلعب﴾ أَي: وعبث، وَيُقَال: إِنَّمَا سمي ذَلِك لهوا وَلَعِبًا؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يسْتَعْمل بهَا من لَا يتفكر فِي العواقب.
وَقَوله: ﴿وَإِن الدَّار الْآخِرَة لهي الْحَيَوَان﴾ أَي: لهي الْحَيَاة الدائمة. وَقَالَ أهل اللُّغَة: الْحَيَوَان والحياة بِمَعْنى وَاحِد، يحْكى هَذَا عَن أبي عُبَيْدَة وَأبي. وَمعنى الْآيَة: أَن فِي الْآخِرَة الْحَيَاة الدائمة.
وَقَوله: ﴿لَو كَانُوا يعلمُونَ﴾ أَي: لَو كَانُوا يعلمُونَ أَن الدُّنْيَا تفنى، وَالْآخِرَة تبقى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِذا ركبُوا فِي الْفلك دعوا الله مُخلصين لَهُ الدّين﴾ أَي: دعوا الله وَتركُوا دُعَاء الْأَصْنَام، وَحكي عَن عِكْرِمَة قَالَ: لَو كَانُوا يركبون الْبَحْر ويحملون أصنامهم مَعَهم، فَإِذا هَاجَتْ الْبَحْر وخافوا الْغَرق، طرحوا أصنامهم فِي الْبَحْر، وقواول: يَا رب، يَا رب.
وَقَوله: ﴿فَلَمَّا نجاهم إِلَى الْبر إِذا هم يشركُونَ﴾ أَي: عَادوا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ.
وَقَوله: ﴿ليكفروا بِمَا آتَيْنَاهُم وليتمتعوا فَسَوف يعلمُونَ﴾ على طَرِيق التهديد.
وَقَوله: ﴿أَو لم يرَوا أَنا جعلنَا حرما آمنا﴾ أَي: ذَا أَمن، وَقَوله: ﴿وَيُتَخَطَّف النَّاس من حَولهمْ﴾ الاختطاف هُوَ الاستلاب بِسُرْعَة، وَقد بَينا هَذَا الْمَعْنى من قبل.