﴿حَولهمْ أفبالباطل يُؤمنُونَ وبنعمة الله يكفرون (٦٧) وَمن أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا أَو كذب بِالْحَقِّ لما جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّم مثوى للْكَافِرِينَ (٦٨) وَالَّذين جاهدوا فِينَا لنهدينهم سبلنا وَإِن الله لمع الْمُحْسِنِينَ (٦٩) ﴾
وَقَوله: ﴿أفبالباطل يُؤمنُونَ﴾ يَعْنِي: أفغير الله يُؤمنُونَ؟ وَهُوَ لفظ اسْتِفْهَام بِمَعْنى الْإِنْكَار.
وَقَوله: ﴿وبنعمة الله يكفرون﴾ أَي: يجحدون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا﴾ أَي: كذب على الله، وَادّعى أَنه أنزل مَا لم ينزله.
وَقَوله: ﴿أَو كذب بِالْحَقِّ لما جَاءَهُ﴾ يَعْنِي: الْقُرْآن، وَقيل: مُحَمَّدًا.
وَقَوله: ﴿أَلَيْسَ فِي جَهَنَّم مثوى للْكَافِرِينَ﴾ أَي: مقَام ومستقر للْكَافِرِينَ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذين جاهدوا فِينَا﴾ رُوِيَ عَن الْحسن أَنه قَالَ: أفضل الْجِهَاد مُخَالفَة الْهوى. وَيُقَال: الْجِهَاد هَاهُنَا هُوَ الْعَمَل بِمَا علمه، وَعَن سُفْيَان الثَّوْريّ أَنه قَالَ لإِبْرَاهِيم بن أدهم: أَلا تَأْتِينَا فَتَتَعَلَّمُ منا؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعت حديثين فَإِذا فرغت مِنْهُمَا تعلمت الثَّالِث، ثمَّ رُوِيَ بِإِسْنَاد أَن النَّبِي قَالَ: " من زهد فِي الدُّنْيَا نور الله قلبه ".
وَيُقَال: المجاهدة: هُوَ الصَّبْر على الطَّاعَات وَاجْتنَاب الْمعاصِي، وَيُقَال: قتال الْكفَّار، وَيُقَال: تَحْقِيق الْإِخْلَاص فِي الْأَعْمَال، وَهُوَ حَقِيقَة قَوْله تَعَالَى: ﴿فِينَا﴾.
وَقَوله: ﴿لنهدينهم سبلنا﴾ لنزيدنهم هدى، وَيُقَال: لنرشدهم إِلَى (الطّرق) المستقيمة، والطرق المستقيمة هِيَ الَّتِي توصل إِلَى رضى الله تَعَالَى. وَعَن ابْن الْمُبَارك أَنه قَالَ: قَالَ لي سُفْيَان بن عُيَيْنَة: إِذا اخْتلف النَّاس فَعَلَيْك بِمَا قَالَه لأهل الْجِهَاد والثغور، فَإِن الله تَعَالَى قَالَ: ﴿وَالَّذين جاهدوا فِينَا لنهدينهم سبلنا﴾.
وَقَوله: ﴿وَإِن الله لمع الْمُحْسِنِينَ﴾ أَي: بالنصرة والمعونة.


الصفحة التالية
Icon