﴿يعلمُونَ (٦) يعلمُونَ ظَاهرا من الْحَيَاة الدُّنْيَا وهم عَن الْآخِرَة هم غافلون (٧) أَو لم يتفكروا فِي أنفسهم مَا خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأجل مُسَمّى وَإِن كثيرا من النَّاس بلقاء رَبهم لكافرون (٨) أَو لم يَسِيرُوا فِي الأَرْض فينظروا كَيفَ﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿وعد الله لَا يخلف الله وعده﴾ أَي: هَذِه النُّصْرَة من وعد الله، وَلَا يخلف الله وعده ﴿وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ﴾ أَن وعد الله حق.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يعلمُونَ ظَاهرا من الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: أَمر مَعَايشهمْ ومعالجهم فِي الدُّنْيَا يَعْنِي: مَتى يزرعون وَمَتى يحصدون، وَمَتى يغرسون، وَمَتى يبنون. وَقَالَ الضَّحَّاك: بُنيان الدّور، وغرس الْأَشْجَار، وتشقيق الْأَنْهَار، وَعمل التِّجَارَات. وروى عَن الْحسن الْبَصْرِيّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: إِن أحدهم لينقد الدَّرَاهِم بِطرف ظفره، وَيذكر وَزنه فَلَا يُخطئ، وَهُوَ لَا يحسن أَن يُصَلِّي.
وَقَوله: ﴿وهم عَن الْآخِرَة هم غافلون﴾ فهم الأول ابْتِدَاء، وهم الثَّانِي ابْتِدَاء آخر، وَمَعْنَاهُ: أَنهم غافلون ساهون عَن الْآخِرَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَو لم يتفكروا فِي أنفسهم مَا خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ أَي: للعدل، وَيُقَال: لإِقَامَة الْحق، وَقيل: للحق. وَقد رُوِيَ فِي بعض الْأَخْبَار: " أَن النَّبِي مر على قوم وهم يتفكرون، فَقَالَ: تَفَكَّرُوا فِي خلق الله، وَلَا تَتَفَكَّرُوا فِي الله ". وَهَذَا خبر غَرِيب.
وَقَوله: ﴿وَأجل مُسَمّى﴾ أَي: وَمُدَّة مُسَمَّاهُ، وَاخْتلفُوا فِي الْمدَّة المسماه، فَقَالَ بَعضهم: هِيَ السَّاعَة، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ الْوَقْت الَّذِي قدر هلاكهم فِيهِ.
وَقَوله: ﴿وَإِن كثيرا من النَّاس بلقاء رَبهم لكافرون﴾ أَي: جاحدون، ولقاء رَبهم هُوَ الْبَعْث يَوْم الْقِيَامَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَو لم يَسِيرُوا فِي الأَرْض فينظروا كَيفَ كَانَ عَاقِبَة الَّذين من قبلهم﴾ يَعْنِي: الْأُمَم الَّذين مضوا.


الصفحة التالية
Icon