﴿خَلقكُم من تُرَاب ثمَّ إِذا أَنْتُم بشر تنتشرون (٢٠) من آيَاته أَن خلق لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا لتسكنوا إِلَيْهَا وَجعل بَيْنكُم مَوَدَّة وَرَحْمَة إِن فِي ذَلِك لآيَات لقوم يتفكرون (٢١) وَمن آيَاته خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَاخْتِلَاف أَلْسِنَتكُم وألوانكم إِن فِي ذَلِك﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن آيَاته أَن خَلقكُم من تُرَاب﴾ أَي: خلق أصلكم من تُرَاب؛ وَهُوَ آدم صلوَات الله عَلَيْهِ.
وَقَوله: ﴿ثمَّ إِذا أَنْتُم بشر تنتشرون﴾ أَي: تجيئون وَتَذْهَبُونَ، وَيُقَال: (تنتشطون).
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن آيَاته أَن خلق لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن مَعْنَاهُ: خلق حَوَّاء من ضلع آدم، وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن مَعْنَاهُ: خلق من أمثالكم أَزْوَاجًا لكم، وَالنِّسَاء من جنس الرِّجَال؛ لأَنهم جَمِيعًا من بني آدم.
وَقَوله: ﴿لتسكنوا إِلَيْهَا﴾ هُوَ فِي معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿وَخلق مِنْهَا زَوجهَا ليسكن إِلَيْهَا﴾ أَي: ليأنس بهَا.
وَقَوله: ﴿وَجعل بَيْنكُم مَوَدَّة وَرَحْمَة﴾ الْمَوَدَّة: الْحبّ والعطف، وَقد يتَّفق بَين الزَّوْجَيْنِ من الْعَطف والمودة مَا لَا يتَّفق بَين الْأَقَارِب. وَعَن مُجَاهِد وَالْحسن وَعِكْرِمَة أَنهم قَالُوا: الْمَوَدَّة: الوطئ، وَالرَّحْمَة: الْوَلَد.
وَقَوله: ﴿إِن فِي ذَلِك لآيَات لقوم يتفكرون﴾ التفكر: هُوَ طلب الْمَعْنى من الْأَشْيَاء فِيمَا يتَعَلَّق بِالْقَلْبِ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن آيَاته أَن خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَاخْتِلَاف أَلْسِنَتكُم وألوانكم﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن اخْتِلَاف الْأَلْسِنَة هُوَ اخْتِلَاف اللُّغَات؛ فللفرس لُغَة، وللروم لُغَة، وللترك لُغَة، وللعرب لُغَة، وَمَا أشبه هَذَا. وَذكر كَعْب الْأَحْبَار أَن الله تَعَالَى قسم اثْنَتَيْنِ وَسبعين لُغَة بَين النَّاس، فلولد سَام [تسع عشرَة] لُغَة ولولد حام [سبع


الصفحة التالية
Icon