﴿مثلا من أَنفسكُم هَل لكم من مَا ملكت أَيْمَانكُم من شُرَكَاء فِي مَا رزقناكم فَأنْتم فِيهِ سَوَاء تخافونهم كخيفتكم أَنفسكُم كَذَلِك نفصل الْآيَات لقم يعْقلُونَ (٢٨) بل اتبع الَّذين ظلمُوا أهواءهم بِغَيْر علم فَمن يهدي من أضلّ الله وَمَا لَهُم من ناصرين (٢٩) ﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿ضرب لكم مثلا من أَنفسكُم﴾ أَي: شبها من مثالكم، ثمَّ ذكر الشّبَه فَقَالَ: ﴿هَل لكم من مَا ملكت أَيْمَانكُم من شُرَكَاء فِيمَا رزقناكم﴾ وَمَعْنَاهُ: هَل لكم فِي أَمْوَالكُم شُرَكَاء من عبيدكم يساونكم فِيهَا؟ فَإِذا لم ترضوا بِهَذَا لأنفسكم فَكيف ترضونه لي وتصفونني بِهِ؟.
وَقَوله: ﴿فِيمَا رزقناكم﴾ أَي: فِيمَا أعطيناكم من الرزق وَالْمَال.
وَقَوله: ﴿فَأنْتم فِيهِ سَوَاء﴾ إِشَارَة إِلَى مَا قُلْنَا.
وَقَوله: ﴿تخافونهم كخيفتكم أَنفسكُم﴾ أَي: تخافون من مشاركتهم لكم فِي أَمْوَالكُم كَمَا تخافون من أمثالكم، وَهُوَ الشَّرِيك الْحر من الشَّرِيك الْحر، وَأَنْفُسكُمْ هُنَا بِمَعْنى أمثالكم، وَفِيه قَول آخر قَالَه سعيد بن جُبَير، وَهُوَ أَن الْآيَة نزلت فِي تَلْبِيَة الْمُشْركين، فَإِنَّهُم كَانُوا يَقُولُونَ: لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك لبيْك، لَا شريك لَك إِلَّا شَرِيكا هُوَ لَك، تملكه وَمَا ملك.
وَقَوله: ﴿تخافونهم كخيفتكم أَنفسكُم﴾ أَي: تخافونهم فِي اللائمة كَمَا تخافون لائمة أمثالكم.
وَقَوله: ﴿كَذَلِك نفصل الْآيَات لقوم يعْقلُونَ﴾ أَي: ينظرُونَ إِلَى هَذِه الدَّلَائِل بعقولهم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿بل اتبع الَّذين ظلمُوا أهواءهم﴾ الْأَهْوَاء جمع الْهوى، والهوى مَا يهواه الْإِنْسَان، وَعَن بَعضهم: الْهوى أعظم معبود.
وَقَوله: ﴿بِغَيْر علم﴾ أَي: اتبعُوا أهواءهم جهلا بِمَا لَا [يجب] عَلَيْهِم.
وَقَوله: ﴿فَمن يهدي من أضلّ الله﴾ أَي: أضلّهُ الله.


الصفحة التالية
Icon