﴿آثَار رحمت الله كَيفَ يحيي الأَرْض بعد مَوتهَا إِن ذَلِك لمحيي الْمَوْتَى وَهُوَ على كل شَيْء قدير (٥٠) وَلَئِن أرسلنَا ريحًا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون (٥١) فَإنَّك لَا تسمع الْمَوْتَى وَلَا تسمع الصم الدُّعَاء إِذا ولوا مُدبرين (٥٢) وَمَا أَنْت بهاد الْعمي عَن﴾ الْأَثر، والأثر بِمَعْنى الْآثَار.
وَقَوله: ﴿كَيفَ يحيي الأَرْض بعد مَوتهَا﴾ أَي: كَيفَ يحيي الله الأَرْض بالمطر بعد مَوتهَا؟ فَهُوَ يحيي الْمَوْتَى يَوْم الْقِيَامَة. وَقد قَالَ بَعضهم: يحيي الأَرْض بعد مَوتهَا أَي: الْقُلُوب الغافلة بِنور الْعلم وَالْيَقِين وَالتَّفْسِير.
وَقَوله: ﴿وَهُوَ على كل شَيْء قدير﴾ أَي: قَادر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَئِن أرسلنَا ريحًا فرأوه مصفرا﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: رَأَوْا الرّيح مصفرا، وَإِذا كَانَ الرّيح على هَذَا الْوَجْه لم ينفع. وَالْقَوْل الثَّانِي وَهُوَ الْمَعْرُوف فرأوه مصفرا أَي: رَأَوْا الزَّرْع مصفرا.
وَقَوله: ﴿لظلوا من بعده يكفرون﴾ يُقَال: ظلّ فلَان يفعل كَذَا أَي: جعل يفعل كَذَا وَهُوَ مثل قَوْلهم: أضحى فلَان يفعل كَذَا، إِلَّا أَن قَوْله ظلّ يفعل فِي الْعَادة تسْتَعْمل فِي جَمِيع النَّهَار، وَقَوله أضحى تسْتَعْمل فِي أول النَّهَار.
وَقَوله: ﴿يكفرون﴾ أَي: يجحدون، وَقيل: يكفرون النِّعْمَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإنَّك لَا تسمع الْمَوْتَى﴾ أَي: الْكفَّار، وجعلهم بِمَنْزِلَة الْمَيِّت؛ لأَنهم لم ينتفعوا بحياتهم.
وَقَوله: ﴿وَلَا تسمع الصم الدُّعَاء﴾ جعلهم بِمَنْزِلَة الصم؛ لأَنهم لم ينتفعوا بأسماعهم.
وَقَوله: ﴿إِذا ولوا مُدبرين﴾ أَي: معرضين، فَإِن قيل: الْأَصَم لَا يسمع سَوَاء أقبل أَو أدبر، فأيش معنى هَذَا الْكَلَام؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: إِذا كَانَ مُقبلا إِن لم يسمع يفهم بِالْإِشَارَةِ، وَإِذا كَانَ مُدبرا لم يسمع وَلَا يفهم بِالْإِشَارَةِ.