﴿الرَّحِيم (٦) الَّذِي أحسن كل شَيْء خلقه وَبَدَأَ خلق الْإِنْسَان من طين (٧) ثمَّ جعل نَسْله من سلاسة من مَاء مهين (٨) ثمَّ سواهُ وَنفخ فِيهِ من روحه وَجعل لكم السّمع والأبصار والأفئدة قَلِيلا مَا تشكرون (٩) وَقَالُوا أئذا ضللنا فِي الأَرْض أئنا لفي خلق﴾ عَنْهُم، وَيُقَال: الْغَيْب مَا فِي الْآخِرَة، وَالشَّهَادَة مَا فِي الدُّنْيَا.
وَقَوله: ﴿الْعَزِيز الرَّحِيم﴾ أَي: المنيع فِي ملكه، الرَّحِيم بخلقه.
قَوْله تَعَالَى: ﴿الَّذِي أحسن كل شَيْء خلقه﴾ وَقُرِئَ: " خلقه " بِفَتْح اللَّام، فَمن قَرَأَ: " خلقه " أَي: أحسن خلق كل شَيْء، وَمن قَرَأَ: " خلقه " مَعْنَاهُ: حسن كل شَيْء خلقه. قَالَ ابْن عَبَّاس: ﴿أحسن كل شَيْء خلقه﴾ أَي: أتقن وَأحكم. وَقيل: أما إِن است القرد لَيْسَ بِحسن، وَلكنه مُحكم، وَقيل: خلق الْبَهَائِم على صُورَة الْبَهَائِم، والآدميين على صُورَة الْآدَمِيّين، وَلم يخلق الْآدَمِيّين على صُورَة الْبَهَائِم، وَلَا الْبَهَائِم على صُورَة الْآدَمِيّين، فَكل حَيَوَان كَامِل حسن فِي خلقته، وَهَذَا معنى قَول الْحُكَمَاء الَّذين مضوا: كل حَيَوَان كَامِل فِي نقصانه؛ يَعْنِي: أَنه لَو قوبل بِغَيْرِهِ كَانَ نَاقِصا، وَهُوَ فِي نَفسه وأداته كَامِل. وَذكر بَعضهم فِي معنى الْآيَة: طول رجل الْبَهِيمَة، وَطول عنق الطَّائِر؛ ليصل كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى معاشه.
وَقَوله: ﴿وبدا خلق الْإِنْسَان من طين﴾ أَي: آدم وَذريته.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ثمَّ جعل نَسْله من سلالة من مَاء مهين﴾ قد بَينا معنى السلالة. وَقَوله: ﴿من مَاء مهين﴾ أَي: ضَعِيف.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ثمَّ سواهُ وَنفخ فِيهِ من روحه﴾ قد ذكرنَا.
وَقَوله: ﴿وَجعل لكم السّمع والأبصار والأفئدة﴾ أَي: الأسماع والأبصار والأفئدة.
وَقَوله: ﴿قَلِيلا مَا تشكرون﴾ أَي: قَلِيلا تشكرون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقَالُوا أئذا ضللنا فِي الأَرْض﴾ أَي: هلكنا فِي الأَرْض، يُقَال: ضل


الصفحة التالية
Icon