﴿إِلَى ربكُم ترجعون (١١) وَلَو ترى إِذْ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عِنْد رَبهم رَبنَا أبصرنا وَسَمعنَا فارجعنا نعمل صَالحا إِنَّا موقنون (١٢) وَلَو شِئْنَا لآتينا كل نفس هداها وَلَكِن حق القَوْل مني لأملأن جَهَنَّم من الْجنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ (١٣) فَذُوقُوا بِمَا نسيتم﴾
وَفِي بعض المسانيد بِرِوَايَة أنس أَن النَّبِي قَالَ: " الْأَمْرَاض والأوجاع رسل الْمَوْت، فَإِذا قبض ملك الْمَوْت روح عبد، فتصارخوا عَلَيْهِ قَالَ: مَاذَا تصرخون؟ وَالله مَا نقصت لَهُ رزقا، وَلَا قدمت لَهُ أَََجَلًا، وَلَا ظلمت مِنْكُم أحدا، وَإِنَّمَا دَعَاهُ الله فَأَجَابَهُ، فليبك كل امْرِئ على نَفسه، وَإِن لي إِلَيْكُم عودات ثمَّ عودات حَتَّى لَا أبقى مِنْكُم أحدا " وَالْخَبَر من الغرائب أَيْضا.
وَأما التوفي فَهُوَ اسْتِيفَاء الْعدَد، وَمَعْنَاهُ: أَنه يقبض أَرْوَاحهم حَتَّى لَا يبْقى أحد من الْعدَد الَّذِي كتب مَوْتهمْ، قَالَ الشَّاعِر:

(إِن بنى الأدرم لَيْسُوا من أحد وَلَا توفيهم قُرَيْش من عدد)
يَعْنِي: مَا استوفاهم قُرَيْش من عَددهمْ.
وَقَوله: ﴿ثمَّ إِلَى ربكُم ترجعون﴾ أَي: تصيرون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَو ترى إِذْ المجرمون ناكسوا رُءُوسهم﴾ مَعْنَاهُ: وَلَو ترى الْمُجْرمين ناكسين رُءُوسهم من فرط النَّدَم وَشدَّة الوجل، وَفِي الْآيَة حذف، والمحذوف هُوَ: أَنَّك لَو ترى الْمُجْرمين ناكسين رُءُوسهم عِنْد رَبهم لرأيت مَا يعْتَبر بِهِ.
وَقَوله: ﴿رَبنَا أبصرنا وَسَمعنَا﴾ أَي: قائلين رَبنَا أبصرنا وَسَمعنَا أَي: أبصرنا صدق وعيدك، وَسَمعنَا مِنْك تَصْدِيق رسلك. قَالَ قَتَادَة: أبصروا حِين لم يَنْفَعهُمْ الْبَصَر. وسمعوا حِين لم يَنْفَعهُمْ السّمع. وَيُقَال: أبصرنا معاصينا، وَسَمعنَا مَا قيل فِينَا.
وَقَوله: ﴿فارجعنا نعمل صَالحا﴾ أَي: ردنا نعمل صَالحا.
وَقَوله: ﴿إِنَّا موقنون﴾ أَي: مصدقون بِالْبَعْثِ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَو شِئْنَا لآتينا كل نفس هداها﴾ أَي: هدايتها، وَمَعْنَاهُ: لَو شِئْنَا


الصفحة التالية
Icon