﴿بِآيَاتِنَا الَّذين إِذا ذكرُوا بهَا خروا سجدا وسبحوا بِحَمْد رَبهم وهم لَا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥) تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع يدعونَ رَبهم خوفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ (١٦) ﴾ عَمَلكُمْ. وَحكى عَن قَتَادَة أَنه قَالَ فِي قَوْله: ﴿وَلَكِن حق القَوْل مني لأملأن جَهَنَّم من الْجنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ﴾ أَي: بِذُنُوبِهِمْ. قَالَ الْأَزْهَرِي: وَهُوَ كَمَا قَالَ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يُؤمن بِآيَاتِنَا الَّذين إِذا ذكرُوا بهَا﴾ أَي: إِذا دعوا إِلَى الصَّلَوَات الْخمس أجابوا إِلَيْهَا، حَكَاهُ أَبُو معَاذ النَّحْوِيّ، وَيُقَال: إِذا وعظوا بآيَات الله اتعظوا.
وَقَوله: ﴿خروا سجدا﴾ أَي: وَقَعُوا سجدا، والخرور فِي اللُّغَة: هُوَ السُّقُوط، وَعَن حَكِيم بن حزَام قَالَ: " بَايَعت رَسُول الله أَن لَا أخر إِلَّا قَائِما " أَي: لَا أَمُوت إِلَّا وَأَنا ثَابت على الْإِسْلَام، وَقَوله: ﴿وسبحوا بِحَمْد رَبهم﴾ أَي: وصلوا بِأَمْر رَبهم.
وَيُقَال: سبحوا [الله] وحمدوه.
وَقَوله: ﴿وهم لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ أَي: لَا يتكبرون، وَيُقَال: من سجد لله فقد طرح التكبر عَن رَأسه، وَفِي بعض الْأَخْبَار: من سجد لله سَجْدَة رَفعه الله بهَا دَرَجَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿تَتَجَافَى جنُوبهم﴾ أَي: تنبوا وترتفعوا، وَمَعْنَاهُ: أَنهم يتركون الْمضَاجِع ويقومون إِلَى الصَّلَاة، قَالَ حسان بن ثَابت:

(يبيت يُجَافِي جنبه عَن فرَاشه إِذا استثقلت بالمشركين الْمضَاجِع)
وَاخْتلف القَوْل فِي هَذِه الْآيَة، فروى عَن عَطاء أَنه قَالَ: كَانُوا لَا ينامون حَتَّى يصلوا الْعَتَمَة، فَانْزِل الله هَذِه الْآيَة.
وَعَن الْحسن وَقَتَادَة قَالَا: هُوَ الصَّلَاة بَين الْمغرب وَالْعشَاء.
وَقَالَ الضَّحَّاك: إِذا استيقظوا ذكرُوا الله وسبحوه.
وَعَن أبي الدَّرْدَاء وَأبي ذَر وَعبادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنْهُم أَنهم قَالُوا: هُوَ


الصفحة التالية
Icon