﴿يَمْشُونَ فِي مساكنهم إِن فِي ذَلِك لآيَات أَفلا يسمعُونَ (٢٦) أَو لم يرَوا أَنا نسوق المَاء إِلَى الأَرْض الجرز فنخرج بِهِ زرعا تَأْكُل مِنْهُ أنعامهم وأنفسهم أَفلا يبصرون (٢٧) وَيَقُولُونَ مَتى هَذَا الْفَتْح إِن كُنْتُم صَادِقين (٢٨) قل يَوْم الْفَتْح لَا ينفع الَّذين كفرُوا﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَو لم يهد لَهُم﴾ مَعْنَاهُ: أَو لم يبين لَهُم مُحَمَّد؟ وَقيل: الْكتاب، وَقُرِئَ: " أَو لم نهد لَهُم " أَي: نبين لَهُم.
وَقَوله: ﴿كَمَا أهلكنا من قبلهم من الْقُرُون يَمْشُونَ فِي مساكنهم﴾ أَي: يمشي أهل مَكَّة فِي مساكنهم.
وَقَوله: ﴿إِن فِي ذَلِك لآيَات أَفلا يسمعُونَ﴾ أَي: سَماع قبُول.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَو لم يرَوا أَنا نسوق المَاء إِلَى الأَرْض الجرز﴾ أَي: الْيَابِس الَّذِي لَا ينْبت شَيْئا، قَالَ ابْن عَبَّاس: هُوَ ارْض بِالْيمن، وَقَالَ مُجَاهِد: بأندلس، وَيُقَال: الأَرْض الجرز هُوَ الَّذِي أكل زَرعهَا وَلم يبْق فِيهَا شَيْء.
وَقَوله: ﴿فنخرج بِهِ زرعا تَأْكُل مِنْهُ أنعامهم﴾ يَعْنِي: من العشب والتبن.
وَقَوله: ﴿وأنفسهم﴾ من الْحِنْطَة وَالشعِير وَسَائِر الأقوات.
وَقَوله: ﴿أَفلا يبصرون﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَيَقُولُونَ مَتى هَذَا الْفَتْح عَن كُنْتُم صَادِقين﴾ فِيهِ أَقْوَال: أَحدهمَا: أَن الْفَتْح هُوَ فتح مَكَّة. وَالْآخر: أَنه الْقَتْل بِالسَّيْفِ. وَالثَّالِث: هُوَ يَوْم الْقِيَامَة. وَالرَّابِع: هُوَ قَضَاء الله بَين الْعباد.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل يَوْم الْفَتْح لَا ينفع الَّذين كفرُوا إِيمَانهم﴾ يَعْنِي: يَوْم الْقِيَامَة. وَمن حمل الْفَتْح على فتح مَكَّة أَو الْقَتْل بِالسَّيْفِ يَوْم بدر، فَقَالَ: معنى قَوْله: ﴿لَا ينفع الَّذين كفرُوا إِيمَانهم﴾، أَي: بعد الْمَوْت.
وَقَوله: ﴿وَلَا هم ينظرُونَ﴾ أَي: يمهلون ليتوبوا أَو يعتذروا، وَقد كَانُوا يمهلون فِي


الصفحة التالية
Icon